نبض سوريا - متابعة
حذّر الكاتب والصحفي عبد الله علي من أن الأحداث التي تشهدها مدينة حمص مؤخراً، على خلفية الجريمة التي وقعت في زيدل، تتجاوز كونها حادثة أمنية معزولة، لتعكس اتجاهاً خطيراً يهدّد البنية الاجتماعية والدولة في سوريا.
وأكّد علي في تحليله أن اقتحام الأحياء ذات الغالبية العلوية من قبل جماعات مسلحة، وما صاحبه من أعمال حرق وإطلاق نار، يمثّل تحولاً نوعياً. فلم تعد المسألة محصورة في جريمة قتل فردية يجب أن تترك للتحقيق والقضاء، بل تحوّلت إلى فعل جماعي مسلّح تتدخّل فيه قوى عشائرية تنصب نفسها خصماً وحكماً، مما يعني تآكل احتكار الدولة لشرعية العنف وتراجع حكم القانون.
وأشار إلى أن هذا النمط من "المعالجة" يفتح الباب أمام ترسيخ منطق الصراع الهوياتي، حيث يتم استثمار كل حادثة لإعادة رسم الحدود بين "الأكثرية" و"الأقلية" على الأرض، معتبراً أن ما جرى هو تجسيد عملي لفكرة قبول العقاب الجماعي على جريمة فردية.
وربط الكاتب الأحداث بسياق أوسع شهد تصاعداً في الجرائم والانتهاكات بحق مناطق الأقليات، يصاحبه خطاب يفرض على هذه المكونات عبء الحفاظ على السلم الأهلي من خلال الصمت وضبط النفس، دون ضمانات حقيقية لحمايتها أو محاسبة المعتدين.
وحذّر من أن استمرار "سياسة الاستضعاف" هذه لن يقتصر أثره على الإحساس بالظلم، بل سينعكس سلباً على بنية الدولة ذاتها، مما يقوّض ثقة المجموعات بالمؤسسات ويُضعف إمكانية بناء عقد اجتماعي متوازن في المستقبل.
وتساءل الكاتب عن كيفية تمكّن جماعات بعينها من شن هجمات واسعة النطاق رغم كل الحديث عن جمع السلاح وضبطه، مؤكداً أن هذا الاستمرار في انتشار السلاح العشائري يضيف طبقات جديدة من الهشاشة.
واستدل بواقعة اللاذقية الأخيرة، حيث تم إلقاء قنبلة على مخفر قنينص وتلته مظاهرات طالت جماعة كاملة بخطاب كراهية، قبل أن يتضح أن المنفذين من منطقة وطائفة أخرى. ما يكشف، بحسب وصفه، عن سرعة تحوّل أي اتهام إلى خطاب طائفي ضد جماعة كاملة، وهشاشة فكرة المسؤولية الفردية.
وخلص التحليل إلى أن حمص ليست ساحة لحدث عابر، بل هي مرآة لمشهد سوري أعمق تتراجع فيه سلطة الدولة لصالح قوى الجماعات المسلحة، ويُستبدل فيه منطق القانون بمنطق الهوية والقوة، محذراً من أن استمرار هذا المسار يضع المجتمع أمام مفترق صعب يعمّق الشقوق ويهدد أي أمل بالعدالة والأمن المستدام.