صراع الفتوى في سوريا: حملة تشويه سرية ورهانات على تمزيق النسيج الاجتماعي

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - خاص

في خضمّ الاضطرابات السياسية والدينية التي تهزّ سوريا، تطفو على السطح دعوات سرية لإصدار فتوى تحرّم استهداف العلويين، وسط محاولات لاحتواء تداعيات الصراع الدامي. 

وتأتي هذه المطالبات في سياق مراجعة مآلات العنف الذي خلّف جراحاً عميقة في المجتمع، لا سيما مع انتشار فيديوهات توثّق فظائع ميليشيات مسلّحة مرتبطة بزعيم تنظيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني.  

وكان الشيخ عبد الفتاح البزم، عضو مجلس الإفتاء ومفتي دمشق ومدير معهد الفتح الإسلامي، من أبرز الداعين إلى إصدار هذه الفتوى، لكنّ الجهات العليا في المجلس أحاطت الموضوع بستار من التعتيم، وفق مصادر مطلعة.

 وبدلاً من نقاش المطلب علناً، شنّ الجولاني حملة ممنهجة لتشويه صورة البزم، وربطه بنظام بشار الأسد، في خطوة تهدف إلى تقويض مكانته بين النخب السنية الدمشقية التي اعتبرته مرجعية دينية رصينة في مواجهة التطرف.  


وتكشف التحليلات أن الجولاني يعتمد على تيارات سلفية متصاعدة النفوذ داخل مجلس الإفتاء والسلطة الحاكمة، والتي انبثقت بدورها من أيديولوجيا تنظيم القاعدة. وتسعى هذه التيارات إلى تعميق الانقسامات عبر خطاب تحريضي، ما يهدد بإشعال صراعات جديدة في مجتمعٍ منهك.  


من جهة أخرى، تشير معلومات إلى أن ضغوطاً خارجية وداخلية، خاصة من دوائر سلفية مقرّبة من السلطة، دفعت مجلس الإفتاء إلى تأجيل الفتوى، خشية أن تُفاقم التوترات أو تُضعف السيطرة على الجيش. وفي خلفية هذا التردد، ثمة أسئلة عن مدى تأثير الفيديوهات المُسربة التي تكشف وحشية ميليشيات الجولاني، والتي هزّت الرأي العام.  


يُترك المشهد السوري معلّقاً بين احتمالاتين: إمَّا أن تتحول الدعوات السرية إلى خطوة جريئة لإعادة رسم التحالفات الدينية والسياسية، أو أن تستمر الهيمنة الأيديولوجية للجولاني والتيارات السلفية، التي تُحوّل الفتوى من أداة للوحدة إلى سلاح لتمزيق ما تبقى من نسيج الوطن.