يمدح بـ"الفزعات" السابقة ويُذّكر بها ..
وزير الإعلام حمزة المصطفى يلوّح بعبور نهر الفرات نحو مناطق سيطرة "قسد"

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  خاص

أثار تصريح لوزير الإعلام حمزة المصطفى جدلاً واسعاً بعد تلميحه إلى إمكان «العبور نحو الضفة الأخرى من الفرات» واستعادته لما سمّاه «فزعات» شعبية سابقة، في سياق مدح لتلك اللحظات التي صاحبت أحداثاً درامية في مناطق سابقة .


 عرضت قناة سوريا الموالية للسلطة الانتقالية مقطع مصورا لوزير الإعلام يؤكد على أن «أهل الجزيرة جزء لا يتجزأ من سوريا» وأن لحظات "الفزعات" جاهزة. 


هذا الخطاب، الذي اتسم بتصعيدٍ لفظيٍّ واستحضار ذاكرة «الفزعات» القديمة، يستدعي نقاشاً أخلاقياً وقانونياً حول مسؤولية القادة عن خطابهم العام.

 فالإشادة بأفعال أو بتعبيرات شعبية ارتبطت بمآسي دامية في مناطق مثل الساحل والسويداء — حتى لو قيل ذلك في سياق «تذكير» ــ قد تُعتبر بمثابة تغذية لصراعاتٍ قد تعيد إنتاج العنف بدلاً من احتواء تداعياته. 


كما أن أي تلميح بعبورٍ مسلّح أو عمليّاتٍ غير قانونية عبر الرافد الدوليّ نهر الفرات يفتح ملف التداعيات الأمنية المحلية والإقليمية. 


نقدٌ مسؤول

 من حقّ الدولة والداعين إلى الوحدة الوطنية أن يستعيدوا ذكرى التضامن الشعبي في محطات الخطر، لكن الفرق واضح بين الاستذكار والدعوة إلى التصعيد. 

خطابٌ حكوميٌّ يلوّح بعبورٍ تجاه مناطق تخضع لسلطة فاعل مسلّح آخر يجب أن يُدار عبر قنوات رسمية واضحة — سياسية وقضائية ودبلوماسية — وليس عبر عباراتٍ تُفهم كتهديد أو تحريض. مثل هذا الخطاب يخاطر بتكثيف الانقسام ويمنح ذريعةً لمزيدٍ من الاحتقان. 


قانونياً وسياسياً، توجد آليات للمطالبة بالعدالة  دون العودة إلى منطق «الفتن» أو الانتقام الشعبي. الدعوة إلى تفعيل المسارات القضائية الوطنية والدولية، ورفع الملفات إلى هيئات تحقيق مستقلة وموثوقة، تمثّل مخرجا قانونياً ومُلتزماً لمحاسبة المتورطين بدل خطابات قد تُساهم في دائرة العنف. كما أن العمل على حماية المدنيين عبر سياسات واضحة وشفافة يحدّ من ذرائع التصعيد.


من زاوية مهنية وإعلامية، على وزير الإعلام أن يلتزم بلغةٍ تبنّي المصالحة وتدعو إلى حماية المدنيين ووحدة الإعلام وعدم التحريض. يتوقع الجمهور من وزارة الإعلام أن تكون رادعاً للخطاب الطائفي والاستفزازي، لا مُغذّياً له. وإلا فقد تحوّل ما هو «تذكير» إلى عاملٍ مفاقمٍ للتوتر. 


المطلوب الآن من الحكومة: توضيح رسمي لمسؤوليتها عن كل تصريح يُنسب إلى وزرائها، وبيان يوضح أن المسارات المطلوبة ستكون ضمن الشرعية الدولية والقنوات القانونية، وأن الدولة ترفض أي خطاب يجيّش المجتمع أو يمجّد أعمالاً تسبّبت بوقائع دامية في الماضي. 


خلاصةٌ نقدية:


 استحضار «الفزعات» والافتخار بها مهما كانت دلالاته التاريخية يجب أن يقابله التزام واضح بعدم إعادة إنتاج منطق العنف. التذكير بالضحايا واجب أخلاقي وإنساني؛ أما السعي إلى العدالة فيمرّ عبر مؤسسات وقنوات تقطع الطريق على الانحراف نحو الانتقام الشعبي أو الاقتتال الداخلي. على المسؤولين أن يتحملوا تبعات أقوالهم أمام الشعب والقانون قبل أن يتحمل الشعب تبعاتها أمام الواقع.