رويترز: العنف الطائفي يهدد بتقسيم سوريا رغم دبلوماسية الشرع

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - متابعة

حذّرت وكالة "رويترز" في تقرير موسع من أن تصاعد العنف الطائفي والاحتجاجات المحلية يهددان وحدة سوريا، رغم المكاسب الدبلوماسية التي حققها الرئيس أحمد الشرع منذ تسلمه السلطة قبل تسعة أشهر.


الأكراد شمالاً


في الشمال الشرقي، تواصل القوات الكردية رفض الاندماج الكامل في الدولة المركزية، مطالبةً بدستور جديد يضمن حقوقها القومية. ورغم اتفاق رعته واشنطن في مارس/آذار يمنح دمشق السيطرة على النفط والغاز والكهرباء، تعثر التنفيذ بسبب مخاوف الأكراد من غياب ضمانات دستورية حقيقية. ويؤكد مسؤولون أن تركيا تضغط بقوة لمنع أي صيغة للحكم الذاتي الكردي، ملوحةً بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى تسوية.


الدروز جنوباً


في الجنوب الشرقي، تعيش السويداء توتراً متصاعداً بعد اشتباكات دامية بين القوات الحكومية والميليشيات المحلية. الزعيم الروحي للطائفة، الشيخ حكمت الهجري، أعلن صراحةً دعوته للاستقلال، متهماً قوات البدو المدعومة من الحكومة بمحاولة القضاء على الدروز، وذهب أبعد من ذلك بشكر إسرائيل على تدخلها العسكري.

تقرير "رويترز" أشار إلى أن مقاتلين دروز يقيمون نقاط تفتيش ويديرون مجالس محلية، فيما خرجت احتجاجات رُفعت فيها الأعلام الدرزية والإسرائيلية، في خطوة عكست حجم الشرخ مع دمشق. أحد سكان السويداء علّق قائلاً: "إنهم يدفعوننا نحو التقسيم"، في إشارة مباشرة إلى سياسات الحكومة.


العلويون بين الخوف والانقسام


أما في الساحل السوري، حيث تتمركز الطائفة العلوية، فقد خلّفت مجازر مارس/آذار جروحاً عميقة بعد مقتل مئات المدنيين على أيدي مسلحين سنة موالين للحكومة. زعماء علويون اتهموا إدارة الشرع بتهديد وجودهم عبر فرض أيديولوجية دينية متشددة، بينما بات بعض الشباب يخشون مغادرة قراهم بسبب الاعتقالات والانتهاكات. أحد وجهاء القرداحة قال: "يُحكم على الطائفة العلوية بالإعدام"، مشيراً إلى شعور واسع بالخذلان بعد سقوط الأسد وفراره إلى روسيا.

كما بدأت جمعيات علوية في الخارج بالضغط على الحكومات الأجنبية للحصول على حماية دولية أو الدفع نحو نظام اتحادي يضمن بقاء الطائفة.


المسيحيون بين الحذر والهجرة


المجتمعات المسيحية، ورغم نجاتها من أسوأ موجات العنف، تعيش هواجسها الخاصة. ففي وادي النصارى غرب سوريا، عبّر سكان عن مخاوف من المستقبل في ظل غياب ضمانات للحكم الذاتي، معتبرين أن الهجرة قد تكون الخيار الوحيد إذا لم يتغير الوضع. وفي دمشق، زاد تفجير انتحاري استهدف كنيسة في حي الدويلة من شعور الخوف وعدم الثقة بين السكان.


بين وحدة الشرع ومخاطر الانقسام


ورغم تعهّد رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع بتوحيد سوريا ورفضه الفيدرالية أو أي شكل من أشكال التقسيم، يرى محللون أن استمرار التوترات الطائفية دون حلول سياسية حقيقية قد يختصر سلطته على جزء محدود من البلاد.

التقرير يشير إلى أن "تحالفاً فضفاضاً للأقليات" من أكراد وعلويين ودروز ومسيحيين بدأ يتشكل، بدعم إسرائيلي وخارجي، في محاولة لفرض صيغة جديدة لسوريا المستقبل.


ويخلص مراقبون إلى أن الشرع يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما تقديم تنازلات جوهرية للأقليات وصياغة عقد اجتماعي جديد، أو مواجهة خطر الانقسام وفقدان وحدة البلاد إلى الأبد.