نبض سوريا - متابعة
أثار قرار مديرية التربية في مدينة حلب بتغيير أسماء عشرات المدارس جدلاً واسعاً، بعد أن شمل حذف أسماء شخصيات وطنية وأدبية بارزة واستبدالها بأسماء جديدة يغلب عليها الطابع الديني أو العام.
وبحسب ما تم تداوله عبر صفحات محلية، فإن القرار شمل 128 مدرسة، من بينها مدرسة “نزار قباني” التي تحوّل اسمها إلى “حذيفة بن اليمان”.
واعتبر ناشطون أن حذف اسم قباني، الذي كرّس مسيرته الشعرية في الدفاع عن الحرية والوطن، يشكل إقصاءً لذاكرة ثقافية راسخة. كما استبدلت المديرية اسم مدرسة “حسن الخراط” بـ”الصفوة”، وهو أحد أبرز قادة الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي، فضلاً عن تغيير اسم مدرسة “فوزي الجسري” الذي استشهد في حرب تشرين 1973، ليصبح اسمها “العلياء”.
وضمن التغييرات اللافتة، حُذف أيضاً اسم “عائشة الدباغ” ـ أول امرأة مثّلت محافظة حلب في البرلمان، ومعروفة بمساهماتها الأدبية والشعرية فضلاً عن عملها بالتدريس ـ لتحمل المدرسة بدلاً من اسمها تسمية “شارع النيل”.
في المقابل، أُطلقت على مدارس أخرى أسماء جديدة مثل “فجر الإسلام” و”المصباح المنير” و”بدر الكبرى” و”نور اليقين” و”السراج المنير” و”أولي العزم”، إضافة إلى أسماء شخصيات من التاريخ الإسلامي بينها “الإمام الغزالي” و”أحمد بن حنبل” و”جعفر الطيار” و”مالك بن دينار” و”أبو الدرداء”.
ويرى مراقبون أن هذه التغييرات لا تراعي الرمزية الوطنية للشخصيات التي تم حذف أسمائها، مثل نزار قباني وحسن الخراط وفوزي الجسري وفايز منصور، وهي أسماء لا يمكن اعتبارها من رموز النظام السابق، بل من الشخصيات التي تركت بصمة في تاريخ سوريا الثقافي والسياسي والاجتماعي.
ولم تقتصر هذه الإجراءات على حلب، إذ سبق أن أصدرت مديريات تربية في محافظات أخرى قرارات مشابهة غيّرت بموجبها أسماء المدارس بشكل جماعي تحت شعار “إزالة رموز النظام السابق”، لكن دون تمييز بين الشخصيات التي ارتبطت بالنظام وتلك التي تعد من رموز المقاومة الوطنية أو الفكر والأدب.
وفي وقت سابق، أثار قرار مديرية تربية دمشق بتغيير اسم مدرسة “سعد الله ونوس” إلى “السفيرة الثانية” موجة احتجاجات واسعة دفعت وزارة التربية للتراجع والإبقاء على اسم الكاتب المسرحي المعروف.
ويقول باحث في الشؤون الثقافية (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية) إن “تغيير أسماء المدارس ليس مجرد خطوة إدارية، بل عملية إعادة تشكيل للذاكرة الجمعية للطلاب والمجتمع بأكمله.
وحين يتم حذف أسماء رموز وطنية وأدبية لصالح أسماء ذات بعد ديني واحد، فإن ذلك يفتح الباب أمام فرض سردية ثقافية ضيقة، على حساب التنوع الفكري والسياسي الذي ميّز سوريا لعقود”.