​رامي مخلوف... رجل الأعمال الذي ربط الاستثمار بالعمل الخيري على الساحل السوري

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  خاص

منذ بدايات الألفية الجديدة، شكّل اسم رامي مخلوف أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في سوريا، خصوصاً على الساحل السوري الذي احتضن الكثير من مشاريعه الاستثمارية والإنسانية. لم يكن مخلوف مجرّد رجل أعمال يملك شركات كبرى، بل كان شخصية أثّرت في شكل الاقتصاد السوري الحديث، وربطت بين الاستثمار والتنمية الاجتماعية في بيئة كانت تعاني نقصاً واضحاً في الخدمات وفرص العمل.


من الساحل إلى الاقتصاد الوطني


ولد رامي مخلوف في محافظة اللاذقية، في بيئة اجتماعية تعرف قيمة العمل والتجارة، ما جعله منذ بدايته قريباً من الناس ومن هموم المنطقة.


 ومع انفتاح الاقتصاد السوري تدريجياً في تسعينات القرن الماضي، كان من أوائل رجال الأعمال الذين سعوا لتأسيس مشاريع محلية تُسهم في تحريك السوق وتشغيل اليد العاملة.


برز اسمه بشكل واسع مع تأسيس شركة سيريتل للاتصالات عام 2000، التي ساهمت في نقل سوريا إلى عصر جديد من الاتصال والتكنولوجيا. وبالرغم من أن المشروع وُصف في البداية بأنه استثماري بحت، إلا أن مردوده الاقتصادي والاجتماعي انعكس بشكل مباشر على مئات الأسر في محافظات الساحل السوري ، حيث استُقطب العديد من أبناء المنطقة للعمل في فروع الشركة ومراكزها الفنية والإدارية.


الوجه الاجتماعي: جمعية البستان


على موازاة نشاطه الاقتصادي، أطلق مخلوف جمعية البستان الخيرية في أواخر التسعينات، وهي مبادرة وُلدت من رحم الساحل السوري، واستهدفت دعم الأسر المحتاجة وذوي الشهداء والمرضى وذوي الإعاقة.


توسّعت أعمال الجمعية بسرعة، وأصبحت إحدى أبرز الجمعيات الأهلية التي قدّمت المساعدات الإنسانية في اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس، إضافة إلى دعم مشاريع صغيرة مخصّصة للعائلات الريفية.


خلال سنوات الحرب، تحوّلت “البستان” إلى ما يشبه شبكة دعم اجتماعي محلية، إذ قدّمت مساعدات مادية وطبية وغذائية، وأسهمت في ترميم بعض المنازل والمدارس والمراكز الصحية في القرى الجبلية الفقيرة.



كما شاركت الجمعية في مبادرات دعم التعليم والرعاية الصحية، وأُقيمت حملات طبية مجانية في المستشفيات والمراكز الريفية بتمويل مباشر من مخلوف.


المشاريع الاستثمارية في الساحل السوري

لم تقتصر أنشطة رامي مخلوف على الاتصالات، بل امتدت إلى  القطاع السياحي والعقاري والخدمي، عبر مجموعات استثمارية متعددة منها شام القابضة وبناء للاستثمار.

في الساحل السوري، ساهم في تطوير مشاريع سياحية صغيرة ومتوسطة وفنادق ومجمعات تجارية هدفت إلى تنشيط الحركة الاقتصادية في المدن الساحلية.


كما ساهمت بعض شركاته في تحسين البنى التحتية لمناطق قريبة من اللاذقية وطرطوس، سواء عبر تمويل طرق محلية أو دعم مشاريع بيئية.


ورغم الانتقادات التي وُجّهت إلى بعض أنشطته، فإن الأثر الملموس على الأرض بقي حاضراً في حياة الكثير من العائلات التي وجدت فرص عمل أوي دعماً مباشراً من مبادراته.


إذ يرى كثير من أبناء الساحل أن تجربة رامي مخلوف تجمع بين الطموح التجاري والعمل الإنساني، وتُشكّل نموذجاً فريداً في العلاقة بين رأس المال والمجتمع المحلي.


بين العمل والإصلاح


بعد عام 2020، ومع التحولات التي شهدتها علاقته مع الدولة، اختار مخلوف أن يُعيد توجيه نشاطه نحو الجانب الإنساني والروحي، مركّزاً على رسالة “ردّ الحقوق” و”خدمة الناس”.


فقد ظهرت في خطابه العام إشارات إلى العدالة الاجتماعية والتكافل الإنساني، وهو ما اعتبره كثيرون امتداداً لنهجه الخيري الذي بدأه منذ عقود.


إرثٌ باقٍ وتأثيرٌ ملموس


سواء اتفق الناس أو اختلفوا حوله، يبقى من الواضح أن رامي مخلوف ترك بصمة لا يمكن تجاهلها في الساحل السوري، بين مشاريعه الاقتصادية الكبرى ومبادراته الاجتماعية والخيرية.

لقد خلق فرصاً، وموّل مؤسسات، وأسّس جمعيات، وأسهم في دعم مئات العائلات على امتداد الساحل.


ومهما تغيّرت الظروف، يظل حضوره مثالاً على كيف يمكن للثروة أن تلتقي بالمسؤولية الاجتماعية في بيئة تحتاج كليهما.