بين الثورة والانحراف... من نُصرة المظلوم إلى قمع الناس

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  خاص

بعد أكثر من عقد على اندلاع الأحداث في سوريا، يبرز سؤال مؤلم: هل ما حدث كان ثورة فعلًا؟

الثورات تُولد عادة من رحم الظلم، تنادي بالحرية والعدالة وكرامة الإنسان، لكن ما آلت إليه الأمور اليوم في سوريا يظهر مشهدا مختلفا تماما.


فالممارسات اليومية للفصائل التي تنتمي إلى الإدارة الانتقالية بقيادة الجولاني ونقول فصائل لان ما يمارس على الأرض من قبل هؤلاء يسقط مزاعم تأسيس جيش تنضوي تحته هذه الفصائل ويؤكد يوما بعد اخر ان سوريا والسوريين تركوا لمصيرهم مع مقاتلين يتبع كل منهم لجهة، كذلك فإن الاعتقالات التعسفية ومصادرة أملاك المدنيين، مرورا بالفساد وفرض الإتاوات جعلت الناس يشعرون بأن الظلم تبدّل شكله فقط، ولم يرحل.


في سوريا تحوّل حلم الحرية إلى كابوس من القمع، وتحوّلت شعارات الثورة إلى أدوات تخويف واستغلال، حتى بات المواطن البسيط الذي خرج يوماً مطالباً بحقوقه يشعر اليوم أنه خُدع، وأن الثورة التي حلم بها تم اختطافها بالكامل.


الفرق بين الثورة والانحراف عنها يكمن في الأخلاق والمبادئ التي تُحركها؛ فحين تسقط الأخلاق، تسقط القضية، وحين يتحول السلاح من وسيلة للدفاع عن الناس إلى وسيلة لإذلالهم، تنتهي الثورة وتبدأ سلطة جديدة لا تقل استبدادا عن سابقتها.


اليوم، بعد كل هذا الألم، ما زال السوريون ينتظرون من يُعيد تعريف معنى الثورة: ثورة الكرامة، لا ثورة السلطة، لم تعد هناك سوريا كما عرفها أبناؤها.

بلاد يقوم كيانها اليوم على أمان مفقود وخوف متجدد وقتل يومي يسلب الحياة، ووضع معيشي خانق فرض نفسه على السوريين بسبب سياسات حكومة انتقالية لم تُحقق انتقالاً، بل ثبّتت الانقسام.


فالسلطة التي تحكم اليوم، مهما تبدّلت أسماؤها وشعاراتها، فهي سلطة تخيف الناس بدلاً من أن تحميهم، وتتحكم بلقمة عيشهم بدلاً من أن تؤمّنها، سلطةٌ تتحدث عن مظالم الماضي، لكنها تمارسها من جديد.


لقد سقطت الثورة حين سقطت أخلاقها، وسقطت معها البلاد، وما لم يستعد السوريون جوهرها  العدالة والحرية والكرامة  فسيبقى الوطن غائباً، والناس بلا أمل في غد مختلف.