أرشيف التطرف: شركة بريطانية وراء تحويل "الجهادي" إلى "رئيس" في سوريا"

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة

كشف أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور جمال واكيم، النقاب عن الدور الخفي للمملكة المتحدة في إدارة عملية التغيير في سوريا، مشيراً إلى أن شركة بريطانية خاصة تقف خلف وصول زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني – المعروف الآن باسم "أحمد الشرع" – إلى سدة الحكم في دمشق.


جاء ذلك في تحليل موسع تابعت وكالة "نبض سوريا" فحواه، أن "لندن عملت عبر قنوات غير رسمية لتنفيذ استراتيجية مثيرة للجدل تقوم على تسليم السلطة للجماعات المتطرفة بذريعة "تدجينها" وإنهاء الصراعات المسلحة".


وأبرز التحليل الدور المحوري لشركة "انتر ميديات" البريطانية، التي أسسها في عام 2011 جوناثان باول، رئيس أركان إدارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير.


وتقوم استراتيجية الشركة، بحسب واكيم، على التواصل السري مع الجماعات المصنفة "إرهابية"، والعمل على تمكينها من السلطة كمقدمة لاحتوائها، وذلك انطلاقاً من مقولة باول في كتابه "الحوار مع الإرهابيين".


ولفت الأكاديمي اللبناني إلى تزامن مؤسس، حيث تم إطلاق "انتر ميديات" مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011.


 كما أشار إلى مفارقة كبيرة تمثلت في تعيين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لجوناثان باول مستشاراً للأمن القومي في تشرين الأول 2024، أي قبل أسابيع فقط من الإطاحة بالنظام السوري في الثامن من كانون الأول 2024.


وأكد واكيم أن "سياق الأحداث يشير إلى "تطابق كبير" بين استراتيجية الشركة البريطانية والمسار الذي اتبعته "هيئة تحرير الشام" للوصول إلى السلطة".


واستند التحليل إلى قرائن ومصادر دولية عدة، كشفت النقاب عن تفاصيل العمليات التي قامت بها المؤسسة البريطانية، فأفادت تقارير لمجلة "سيريان أوبزرفر" بأن شركة "انتر ميديات" هي من تولت تدريب أحمد الشرع بشكل مباشر، بل وأرسلت فريقاً ميدانياً لا يزال مقيماً في قصر الشعب بدمشق لتقديم الاستشارات اليومية له ولفريق حكمه. 


بدورها، نقلت مجلة "يورتسيرفير" الناطقة بالتركية عن مصادر مطلعة تأكيدها تلقي الشرع لإرشادات مستمرة من تلك المؤسسة، ولم يقتصر الأمر على التقارير الإعلامية، بل امتد إلى وثائق رسمية حيث أشارت محاضر البرلمان الأوروبي بشكل صريح إلى استخدام بريطانيا "لقنوات سرية" مع "هيئة تحرير الشام" لتمكينها من الوصول إلى السلطة، كما مثلت تصريحات الدبلوماسي المخضرم، السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد، شهادة دولية بارزة أخرى، حيث كشف عن وجود مؤسسة بريطانية - لم يسمها - قامت بتدريب الشرع على التحول من "إرهابي" إلى "سياسي"، مما يؤكد وجود خطة مدروسة لإعادة تشكيل صورته وتمكينه سياسياً.


ورصد التحليل التطبيق الحرفي لاستراتيجية "انتر ميديات" على الأرض، بدءاً من إعلان الشرع نفسه رئيساً للمرحلة الانتقالية في 29 كانون الثاني 2025، وحلّه حزب البعث والأجهزة الأمنية، ومروراً بإطلاق "حوار وطني" وتشكيل حكومة "مشاركة طائفية"، ووصولاً إلى خطط إعادة هيكلة مؤسسات الدولة.


غير أن التحليل حذر من أن "هذا النموذج "يصطدم بأرض الواقع" السوري المعقد، حيث تستمر المجازر الطائفية والاصطدامات المسلحة في ظل تنافس القوى الإقليمية على النفوذ، مما يهدد استقرار التجربة برمتها".


وبناءً على المعطيات، خلص التحليل إلى أن ما حدث في سوريا يشكل "تطبيقاً نموذجياً" لاستراتيجية "انتر ميديات" المثيرة للجدل، مما يؤكد أن بريطانيا لعبت، عبر مستشارها للأمن القومي، دوراً محورياً (إن لم يكن الأبرز ) في الإطاحة بنظام بشار الأسد وتمهيد الطريق لوصول "هيئة تحرير الشام" إلى السلطة.