أوروبا لا تتفاوض مع عصابات… إنها حقاً لا تراهم !!!

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  

يشير مصطلح التفاوض إلى عملية من الحوار والنقاشات والتواصل بين أطراف ندية تعمل على حل نزاع ما أو تسوية المعاملات أو إنشاء اتفاقيات للوصول إلى نتائج ترضي مختلف المصالح والأطراف. 

ينبغي التركيز على مصطلح "ندية العلاقات" بين الأطراف، لفهم وتوصيف حقيقة ما يجري فعلاً في سوريا اليوم وهي تحت قيادة هيئة تحرير الشام. 

خلال اليومين الماضيين صدر بيان من ألمانيا وفرنسا كل منهما يحمل نفس الفحوى تقريباً، وحسب البيانات الصادرة عن كلا البلدين، فإن إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي دعا الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع الذي ما زال مصنفاً على لوائح الإرهاب العالمية لزيارة باريس ، أما أولاف شولتز المستشار الألماني فقد استمر الاتصال الهاتفي بينه وبين الرئيس السوري المؤقت ساعة كاملة، والملفات المشتركة التي أكدت عليها فرنسا وألمانيا للشرع هي ضرورة  إطلاق عملية سياسية تشمل جميع السوريين، وأهمية مكافحة الإرهاب من أجل الأمن في سوريا والمنطقة بالإضافة إلى مسألة دعم إعادة الإعمار في سوريا. 

الملفت في الأمر أن جميع وسائل الإعلام تتناول هكذا نوع من البيانات بغوغائية مثيرة للسخرية حيث يقولون أن هناك تقارب بين أوروبا وسوريا وحوار إيجابي وأن أوروبا تسعى لإنجاح التفاوض والحوار مع دمشق. 

فهل هذا صحيح فعلاً، أي تفاوض؟؟ ومع من ؟؟ هل سمعتم يوماً أن دولاً تتحاور مع عصابات؟ 

صفقة كبرى، استكشاف نفوذ، وإملاءات، هذا ملخصٌ يوضح أسباب الصحوة الأوروبية تجاه سوريا  الجديدة تحت قيادة "هيئة تحرير الشام" 

أوروبا تنظر إلى سوريا اليوم كوليمة دسمة في ظل الفراغ الأمني والسياسي، ووعود الغرب بالعمل الجاد لرفع القيود عن سوريا وإبطال العقوبات تعكس تماشي النهج الأوروبي مع الأميركي خلال الأسابيع الماضية، حيث ستعمل الدول الأوروبية على مراقبة ما تقوم به حكومة الجولاني عن كثب وهذا سيأخذ وقتاً ليس قصيراً، وبعدها ستتخذ القرار الجاد إما بإلغاء العقوبات أو بفرض المزيد منها وستجد " عذراً نبيلاً" لتطبيق  ذلك ، يعني لا يهمها فعلاً درجة تأذي الشعب السوري من عقوباتهم ولا يهمهم إن خرجت شخصية قيصر الحقيقية " المساعد أول فريد المذهان" وطالبهم برفعها، كما لا يعنيهم فعلاً استماتة الحكومة الجديدة لرفع العقوبات مع رحيل مسببها " الاسد" لإن في الحقيقة ليس الأسد هو سبب العقوبات الوحيد و إنما وجودهم أيضاً كجماعان تحمل إيديولوجيا متطرفة.

سياسية الشد والجذب التي تتبعها الدول الأوروبية مع سوريا الجديدة ما هي إلا فخ لتحقيق مصالحها الجيوسياسية، فالعلاقة مع "هيئة تحرير الشام" تشكل قيمة مضافة بالنسبة لبرلين مثلاً التي تريد عودة جزء من السوريين الذين هاجروا لألمانيا منذ بداية الصراع عام 2011 ، ويبلغ عددهم حوالي مليون شخص. 

كما يتفق الغرب على تقليم أظافر روسيا في سوريا من خلال اتباع نهج الضغوط القصوى لاستبعاد التواجد الروسي، بالإضافة إلى انزعاجهم الواضح من النشاط التركي في سوريا ويريدون فرض توازن جديد للحد من التمدد الأردوغاني ، وخاصة فرنسا التي تدعم وأمريكا  "الوحدات الكردية" ولا يعجبها تلويح أنقرة المستمر باستخدام القوة العسكرية ضدهم.

حكام سوريا اليوم ليس لديهم أي أوراق رابحة ولا أحد يتعامل معهم كندٍ سياسي، لذلك فإن العروض والإغراءات التي تقدمها جميع الأطراف  الدولية لا بد أن يدرسها الشرع بكثير من الحذر والدهاء حتى لا تكون سوريا الجديدة لقمة سائغة للجميع، فالأيدي المشاركة في "الطبخة" السورية، جميعها ملطخة بتاريخ طويل من الانتداب والاحتلال وسرقة ثروات ونفوذ الشعوب، فإن أراد الشرع ترك الحضن "العثماني" الذي دعم وصوله للسلطة فعلاً فهل عليه أن يبني ثقة عمياء بماكرون مثلاً؟؟.