نبض سوريا - متابعة
في تحدِّ واضح لقرار الإدارة الجديدة في سوريا، أصدرت أحزاب سورية تعود جذور بعضها إلى ما قبل الاستقلال، بيانات أعربت فيها عن رفضها حل نفسها محذرةً من خطورة حل الأحزاب على الدولة السورية وعلى مقتضيات الحياة السياسية. وجاء ذلك بعد أيام قليلة من انعقاد "مؤتمر النصر" الذي ضم الفصائل التي شاركت في معركة "ردع العدوان" التي أسقطت نظام الأسد، وأصدر عدداً من المقررات من بينها حل حزب "البعث" وكل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية.
ورأى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، في بيان، أن مقررات "مؤتمر النصر" تعني " أنّ أسس إعادة بناء الدولة الوطنيّة أصبحت في خطر حقيقي، وما جرى ليس إلّا مؤشر إلى مزيد من الانهيار والتفكّك غير المقبولين".
وفي حديث لـ"النهار" تحفّظ الدكتور طارق الأحمد، القيادي في الحزب، على تسمية "مؤتمر النصر"، لأن "في قناعتنا ليس هناك انتصار لطرف على طرف في سوريا، ونحن لا نقبل استخدام هذا المصطلح، ولم نكن نقبله في عهد السلطة السابقة".
وأكد أن موقف الحزب من قرار الحل هو الرفض المطلق لأنه "قرار جائر أولاً، ولأنه ثانياً متناقض تناقضاً كاملاً مع تصريحات أحمد الشرع المتضمنة تعهده ضمان حرية العمل السياسي".
واستغرب الأحمد امتناع الشرع عن الإجابة عن سؤال طرحته عليه هيئة الإذاعة البريطانية حول التعامل مع الخمور، إذ نأى بنفسه عن الموضوع ووضعه بعهدة لجان قانونية ستنظر فيه وأنه سيحترم قرار هذه اللجان. فـ"إذا لم يعط نفسه صلاحية حسم موضوع الخمور وهو موضوع تفصيلي، على أي أساس حسم موضوع حل الأحزاب وهو قرار وطني واستراتيجي كبير؟". واعتبر الأحمد أن قرار حل الأحزاب في سوريا يشبه من حيث الذهنية قرار اجتثاث "البعث" في العراق، وشدد على أن تأثيرات القرار السلبية تجسدت على الفور في ضرب الحياة السياسية التي تلقت "ضربة قوية".
واعتبر المكتب السياسي للحزب أن الطريقة التي نصّب فيها الشرع نفسه رئيساً "تفتقر إلى أدنى معايير دور المؤسّسات والقوانين والتشريعات مستعيناً بقادة الفصائل العسكريّين". وقال إن هذه القرارات "لا تنم عن نية للبناء". ودعا إلى "الإسراع في عقد اجتماع للجامعة العربيّة هدفه الحدّ من مشروع تحويل سوريا إلى مستعمرة تكفيريّة وقاعدة حماية مشتركة للكيان الغاصب ولتركيا".
وعن موقف "القومي" من خريطة الطريق التي أعلنها الشرع للمرحلة الانتقالية، قال الأحمد: "هذه ليست خريطة طريق بل مجرد تصريحات"، لافتاً إلى أن وضع خريطة طريق حقيقية يفترض أن يقوم على التشاركية بين القوى السياسية والحكماء وأصحاب الرأي والنشطاء السياسيين، وهذا لم يحدث، لذلك فإن ما صدر "هو تصريحات وليس خريطة طريق".
ومع ذلك أشار الأحمد إلى أن حزبه قد يشارك في الحكومة الانتقالية إذا دعي إلى ذلك، وإذا رأى الحزب أن المشاركة تصب في خانة المصلحة الوطنية العامة، وليست عبارة عن مجرد توزيع المقاعد على سبيل المحاصصة.
ووصفت عضو اللجنة المركزية وأمينة فرع حلب في "حزب الاتحاد الاشتراكي" ثناء فخر الدين، في حديث لـ"النهار"، قرار الحل بـ"الخطوة المستغربة لجهة توقيتها ومآلاتها"، وقالت: "شكّل القرار نكسة حقيقية للمسار الديموقراطي وحرية التعبير، وكذلك لمخالفته تصريحات الإدارة السياسية الجديدة ووعودها بالعمل مع الجميع".
ودعت فخر الدين الشرع إلى "إعادة النظر بالقرار الجائر ورعاية حرية العمل السياسي بما يخدم مصلحة سوريا العليا". وتوقعت ألا تتم دعوة أي حزب إلى مؤتمر الحوار الوطني الذي تأجل إلى أجل غير مسمى.
ورأى "الحزب الشيوعي السوري"، بدوره، أن خطوة حل الأحزاب "ستتبعها خطوات أخرى في التضييق على جميع القوى الوطنية والديموقراطية الحقة". وأكد، في بيان، أن "الحزب الذي تجاوز عمره مئة عاماً، خاض خلالها معترك النضال في مختلف الظروف، لن يخضع لهذا القرار الجائر بحله".
وقال: "نحن الشيوعيين السوريين لا نهاب القمع والملاحقات، وتاريخنا شاهد على ذلك".
وشن البيان هجوماً شديداً على الإدارة الجديدة متهماً إياها بـ"الاستيلاء على السلطة في وطننا سوريا يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، نتيجة هجوم عسكري مدعوم بشكل كامل من قبل قوى استعمارية عضو في حلف شمال الأطلسي العدواني".
وأضاف: "في يوم 29 كانون الثاني/يناير 2025 بدأت تتبلور بشكل أكثر وضوحاً ملامح الاستبداد السياسي للظلاميين، إذ جرى في ذلك اليوم اجتماع موسع لقادة المجموعات المسلحة والذين استولوا على معظم البلاد نتيجة الصدفة التاريخية، من دون أن تكون لهم أي مؤهلات سوى قوة السلاح".
وكذلك وصف "الحزب الشيوعي السوري الموحد"، في بيان، قرار حل الأحزاب بأنه "جائر ويتناقض مع الوعود التي قطعتها الإدارة الحالية في خطابها بعدم التفرد بالسلطة، وبأنها ستعمل على جمع كلمة السوريين".
وشدد على أن "حل الأحزاب السياسية المشاركة في الجبهة، ومنها حزبنا، يتعارض مع طموحات شعبنا إلى نظام ديموقراطي مدني، ويعرقل بناء سوريا الجديدة كما تريدها جميع أطياف الشعب السوري".
وطالب الحزب مصدري قرار حل الأحزاب بالتراجع عنه لأنه لا يخدم وحدة السوريين.