ضغوط وتهديدات للاحتفال بـ“يوم التحرير”
شهادات عن ممارسات تعسفية تطال مدارس في محافظات سورية عدة

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - دمشق

تتزايد الشكاوى الواردة من معلمين وذوي طلاب في دمشق وريفها ومحافظات سورية عدة حول ممارسات توصف بأنها “إجبارية” للمشاركة في فعاليات ما يسمى “يوم التحرير”، وسط تهديدات تطال الطلاب والأهالي والكادر التعليمي بالعقوبات وفصل بعض المدارس من الخدمة التعليمية. 


وتشير شهادات من مدارس العاصمة دمشق إلى أن إدارات تعليمية هدّدت الأهالي بفصل أبنائهم في حال عدم مشاركتهم، فيما أكدت والدة طالبة من مساكن العرين أن ابنتها أُجبرت على دفع رسوم للاحتفال وإحضار أعلام وزينة “لا رغبة لديها في المشاركة بها”.


وفي ريف جبلة، قالت مديرة مدرسة( ل.ع) لوكالة “نبض سوريا” إن التهديدات امتدت إلى الكادر الإداري، موضحة أن الجهات المشرفة طالبتهم بإلزام جميع الطلاب بالمشاركة وتقديم رسومات، تحت طائلة “إغلاق المدرسة بالكامل”. 


أما في ريف دمشق، فأفادت معلمة — فضّلت عدم ذكر اسمها — بأن الطلاب استُدعوا يوم عطلة رسمية وأُجبروا على ارتداء لباس مدني “لإظهار الاحتفالات وكأنها طوعية”. 


وفي حلب، انتشرت على مواقع التواصل تسريبات من مجموعات مدرسية تُلزم الطلاب بدفع ما يقارب 10 دولارات للمشاركة في فعالية “حلب ست الكل” ضمن احتفالات التحرير.


 وفي حماة، رأى أحد مديري المدارس أن هذه الممارسات “لن تؤدي إلا إلى زيادة احتقان الطلاب”، مضيفاً أن “إجبارهم على الاحتفال بمن يعتبرونهم مسؤولين عن قتل آبائهم أو اعتقال ذويهم لن يخلق ولاءً بل نقمة أعمق”.


وفي السياق ذاته، تشهد مدن وأرياف اللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة والقرداحة وحمص وحماة — خصوصاً في المناطق ذات الغالبية العلوية — حالة توتر متصاعدة منذ خروج المظاهرات السلمية في 25 تشرين الثاني الماضي استجابة لنداء العلامة غزال غزال.


 ووفقاً لما نقله المرصد السوري لحقوق الإنسان، برزت كرد فعل على اتساع رقعة المشاركة الشعبية موجة من الضغوط الحكومية المتزايدة، تتركز هذه المرة على الكوادر التعليمية والطلاب ضمن سياسة وُصفت بأنها استمرار لنهج تسييس العملية التربوية.


 وتشير شهادات جمعتها جهات حقوقية ومعلمون من ريف حمص الغربي وريف تلكلخ وصافيتا والدريكيش وطرطوس، إلى أن الجهات الأمنية التابعة للحكومة الانتقالية اعتمدت أسلوب الترهيب عبر إصدار تعليمات تلزم المدارس بتنفيذ مراسم “يوم التحرير” بلا اعتراض، تحت طائلة عقوبات تبدأ بالفصل وقد تصل إلى السجن. ويرى معلمون من أبناء الطائفة العلوية أن هذا الأسلوب يعيد للأذهان ممارسات “الفرض والقسر”، معتبرين أن التعليم يُستخدم اليوم كمنصة لإظهار الولاء بدلاً من احترام خيارات المجتمع.


وبحسب شهادات الأهالي التي نقلها المرصد، طُلب من إدارات المدارس جمع مبالغ مالية من الطلاب لشراء أعلام وزينة، بالإضافة إلى فرض مشاركة إلزامية لكل طالب عبر تقديم لوحة أو رسم يمجّد المناسبة، لإعداد معارض مدرسية موحدة. ووصف معلمون هذه الخطوة بأنها “استغلال للعمل التعليمي لصالح الدعاية الإجبارية”.


 كما أكدت شهادات معلمين من مناطق مختلفة أن الحضور بات إلزامياً للكادر التدريسي، مع تهديد البعض بالفصل أو حتى السجن في حال عدم المشاركة، بما يشمل معلمين من مختلف الطوائف. وأفاد معلمون من الطائفة العلوية بتلقي تهديدات مباشرة من عناصر أمنية، في وقت قال فيه أهالٍ إن بعض الطلاب يواجهون ضغوطاً تصل إلى تهديد ذويهم بالاعتقال.


 وتثير هذه الممارسات مخاوف متزايدة من اتساع سياسة الإكراه داخل المؤسسات التعليمية، في ظل غياب بيئة تربوية آمنة واستمرار فرض إجراءات تُناقض أبسط حقوق التعليم.