نبض سوريا - متابعة
تشهد سورية أزمة قمح متزايدة تُنذر باحتمال وقوع مجاعة، في ظل تحذيرات من تراخي الحكومة في التعامل مع تناقص المخزون الحالي، الذي قد ينفد قريباً، بينما تتفاقم التحديات المناخية والاقتصادية التي تُعمق أزمة الغذاء.
أعلنت الجهات الرسمية مؤخراً عن خفض وزن ربطة الخبز، في خطوة تُفسر كمحاولة لترشيد الاستهلاك والحفاظ على المخزون المتبقي من القمح، الذي يُتوقع أن ينفد خلال أشهر قليلة. وتزامن هذا الإجراء مع تحذيرات من تراجع الإنتاج المحلي بشكل كبير خلال السنوات الماضية، بسبب تواتر موجات الجفاف وندرة الموارد المائية، ما دفع البلاد للاعتماد بشكل متزايد على الاستيراد، الذي لم يعد كافياً لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
واجهت سورية في العقود الماضية فترات من الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، بل وتصدير الفائض منه، لكن التغيرات المناخية الحادة وتردي البنية التحتية الزراعية حوّلا البلاد إلى مستورد رئيسي، وسط صعوبات في توفير العملات الأجنبية. وتفاقمت الأزمة مع ارتفاع أسعار المحروقات المدعومة للزراعة، ما أثر على قدرة المزارعين على ري المحاصيل، خاصة مع شح الأمطار الذي يهدد الموسم الجديد.
وتأتي عودة آلاف النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، بعد سنوات من النزاع، لزيادة الضغط على المخزون الحكومي، في وقت تتراجع فيه المساعدات الدولية الموجهة للمخيمات. ويُعتبر الخبز، الذي يشكل المصدر الأساسي للسعرات الحرارية والبروتين للسوريين، خط الدفاع الأخير ضد المجاعة، ما يزيد من حساسية أي نقص في توفيره.
وحذر خبراء من أن استمرار التراخي في معالجة الأزمة قد يؤدي إلى فجوة زمنية بين نفاد المخزون ووصول المحصول الجديد، ما يعرض ملايين السكان لخطر الجوع، خاصة مع الاعتماد شبه الكلي على القمح في النظام الغذائي. وأشاروا إلى أن سورية، رغم كل التحديات السابقة، تجنبت سيناريوهات المجاعة بفضل توفر الخبز، لكن الوضع الحالي يُنذر باختبار غير مسبوق للأمن الغذائي في ظل تراكم الأزمات.
وسط هذا المشهد، تُطالب جهات محلية ودولية بتحرك عاجل لتجنب كارثة إنسانية، تُعيد إلى الأذهان تجارب مريرة عاشتها دول أخرى، حيث تُصبح النشويات البديل الوحيد لشعوب فقدت القدرة على الوصول إلى مصادر غذائية متنوعة.