هل يمكن تفادي حرب أهلية طائفية في سوريا

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -متابعة

هيثم مناع يطرح تساؤلاتٍ حول إمكانية كبح جماح الصراع الداخلي المتفاقم في سوريا، مُشيرًا إلى أن قرارات التعيينات العسكرية والأمنية التي وقّعها أحمد الشرع، ونُصِّبت بموجبها حكومة إدلب كحكومة للوطن السوري، شكلت بدايةً لمسارٍ يهدد بإحياء دكتاتورية جديدة تحت غطاء أيديولوجي متطرف. ويؤكد مناع أن هذه القرارات تتعارض مع مصلحة الشعب السوري، وتكرّس انقساماتٍ طائفيةً وفئويةً تدفع البلاد نحو الهاوية.  


منذ تعزيز النفوذ التركي في المنطقة عبر جهود حقان فيدان، مسؤول الاستخبارات التركية السابق ووزير الخارجية لاحقًا، سعت أنقرة إلى تقديم نموذج حكومة إدلب بقيادة هيئة تحرير الشام كبديلٍ ناجحٍ اقتصاديًّا وأمنيًّا. لكن تحقيقاتٍ ميدانيةً كشفت أن عدد السجون والمعتقلات في إدلب يفوق باقي المحافظات، كما أن الهيئة لم تغيّر من سياساتها التكفيرية أو نهجها في إدارة الاقتصاد والتعليم، بل ظلت متمسكةً بخطابها الداعي لإقامة "إمارة إسلامية" تُطبّق الحدود وفق تفسيرها المتشدد، وهو ما تجلّى في خطابٍ قديمٍ لأميرها أبو محمد الجولاني.  


يرى مناع أن التوافق الدولي والإقليمي الضمني على تثبيت سلطة الجولاني يُغذّي استمرار المعاناة السورية، حيث تحوّلت البلاد إلى ساحةٍ لصراعاتٍ بالوكالة، بينما يُعيد بناءُ جيشٍ ذي طابعٍ مذهبيٍّ أحادي، وتعييناتٍ لشخصيات متورطة في انتهاكات الدم، إنتاجَ الدكتاتورية بصورةٍ أكثر قتامة. ويُحذّر من أن الصمت المحلي والعربي والدولي تجاه هذه الممارسات، كالاعتقالات التعسفية وتقييد الحريات الشخصية حتى في الملبس والصلاة، يُرسّخ لسلطةٍ قائمةٍ على الإرهاب والكراهية الطائفية.  


تتصاعد المخاوف مع تزايد المؤشرات على انزلاق البلاد نحو حربٍ أهليةٍ مفتوحة، خاصةً بعد الأحداث الأخيرة التي شهدت مواجهاتٍ بين فصائل مسلحة وهيئة تحرير الشام، والتي ردّت عليها بالتعبئة الطائفية وارتكاب مجازرَ بحق مدنيين أبرياء. يُشدّد مناع على أن الحل الوحيد لتجنب الكارثة يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية ذات صلاحياتٍ واسعة، تعمل على بناء مؤسساتٍ عسكريةٍ وأمنيةٍ مهنية، وإلغاء كافة القرارات الاستئثارية، وفتح الباب أمام مؤتمرٍ وطنيٍ شاملٍ يضمّ كل الأطياف، وإلا فإن سوريا ستظلّ رهينة سيناريوهات التقسيم والدمار.