نبض سوريا - خاص
-لن نستبق الأمور، و أيضا لا يمكن أن نعود بها ١٤٠٠ عام الى الوراء، واذا كان العقل السليم في الجسد السليم فلن يكون العقل المعاق إلا في الجسد المعاق وقد يكون الجسد أرضا ووطنا
في كل السطور التي تكتب والأحبار والأخبار دائما العنوان هو البيان للمضمون إلا في عالم السياسة قد يكذب أحدهما على الآخر فيخلق التناقض أو يكذبان كلاهما فيولدا الفوضى والخراب
قبل أمس وعبر السوشال ميديا تم تنصيب (أحمد الشرع) رئيسا للجمهورية العربية السورية بلا دستور ولا انتخابات ولا جمهور ، منصبا نفسه بنفسه ومعلنا أن المنتصر يقود مع نفر صغير، والمنتصر لم يقاتل ولم يخض حربا بل انسحابا فضل مصلحة الوطن على الفرد والسلام على الدم فألقى السلاح وأعلن سقوط الظلم
بين (الجولاني) و (الشرع)
بين الوعد والتطبيق فارق عظيم اذا لم يجسد الحقيقة أما إذا كان بين القول والقرار تنافر وفرار فإن السقوط الجديد قادم لا محالة، وما اطلقه الشرع من وعود مخالف للهجة والقرار ، الوعود ديمقراطية والخطاب اسلامي متشدد وكأن (الشرع) قد كتب الوعود فيما (الجولاني) صاغ الخطاب
إن حلّ الأحزاب السياسية لصالح فكرة الدين كمن يجلب الدبابير الى خليته ، وثم حظر التحزب يعني هذا نعي الديمقراطية وإعلان لديكتاتورية مطلقة لم يشهدها نظام الأسد الذي مارس الاستبداد السياسي وليس الديني ، ففي الجارة القريبة دولة لبنان مهما تسقط حكومات يبقى الإعلام وتبقى الاحزاب
المشكلة التي لم يقدرها الشرع الى الآن هي الخارطة الديمغرافية لسورية ولو قارنها بأي خارطة بالعالم لوجدها الأكثر تعقيدا وهذا حقيقة وجودية ، لإن سورية أكثر بلد في العالم يتنوع عرقيا وثقافيا ودينيا
حتى المناطقية في البلاد خطيرة ، وغياب المساواة وسوء التوزيع سوف يكون ثقلا يجر البلاد الى الوراء وربما الحرب والدماء
المشكلة الثانية أن موقع سوريا على طرف المتوسط وقربها من أوربا ووجودها على ملتقى قاري كان وسوف يستمر عرضة للتدخل العالمي وهذا حدث وليس بحاجة الى التأكيد والجميع بات يعلم أن الشرع جاء باتفاق والمباركات والزيارات حمّلت بالشروط، والعين اليوم فوق سماء سوريا ترصدها وإن لم يراها الشرع تراه وإن تمييز طرف سيكون منحة للآخر للتدخل ومع وجود القوات الأمريكية والإسرائيلية والتركية وغياب التركيبة الوطنية عن الجيش هذا يعني أن وعود التحرير كوعود بشار بها،
أمام التقسيم
منذ بدايته ظهر الخطاب الديني للشرع مستقبل متفتت ومنقسم وإذا كان معتلي المنبر يظن أن باستطاعته السيطرة فهذا نوع من الوهم والخيال ، وإذا كان يدعم طائفة كونها اكثرية فهذا لا يعني أن الباقي أقليات
والأكثرية مزيفة لأن الأكراد محسوبين عليها فيما هم في الواقع يخوضون حربا قومية وليست دينية ولن يستطيع كبحهم الا بحكم ذاتي ، أما جبل العرب بالجنوب رفض وسيبقى رافضا لفكرة الخطاب الديني ولن يلم الشمل وأيضا سيكون الحل بالحكم الذاتي أو التقسيم وهذا بدوره ينطبق على الساحل الغربي الذي يشكل تقريبا نصف الدولة الحالية مع خروج درعا الجنوبية عن قيادة الشرع لذلك أي اغفال وتجاهل قد يطيح بالجميع في مستنقع الدين بعد إن كان في مستنقع السياسة
إذا إن السلطة القمعية الأمنية الدينية المتشددة وغياب الديمقراطية والمدنية وتغييب الأعلام الحقيقي والعدائية والإقصائية والإنتقاء وحصر الدولة بطائفة واحدة سوف يجر البلاد الى فوضى عظيمة كان النظام السابق قد تجنبها وتجنب الإنقسام لإنه اغرق الجميع بالفساد وليس طائفة واحدة كما يدعون
وإذا كان الشرع حريصا على بناء سورية الحديثة فإن عليه تمزيق عباءة (ابو محمد الجولاني) والتخلص منها نهائيا ورميها وحرقها ، أما الظهور بالبزة العصرية والكرافيتا لن يعني شيئا إذا كانت النوايا متشددة وبالتالي لن ترفع لا قائمة العقوبات ولن تُرفع قيادة الشرع عن قائمة المطلوبين للإرهاب حتى لو جُملت بالزيارات والمباركات الدولية .
بالمجمل : أحمد الشرع أمام فرصة واحدة قصيرة الأجل ليكون رئيسا لسوريا وهي اعلان الجمهورية والدولة المدنية الديمقراطية لأن سورية سوف تكون دولة مدنية ديمقراطية مع الشرع أو بدونه