نبض سوريا - متابعة
كشفت تقارير صحفية دولية عن تحولات عميقة في عملية بناء المؤسسة العسكرية تحت مظلة الحكومة السورية الانتقالية، حيث أثارت ممارسات حديثة مخاوف جدية حول طابعها المهني وطبيعتها الجامعة.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير مطول، بأن السلطات الانتقالية قامت بحل الجيش السوري السابق بشكل سريع، لتبدأ في تشكيل قوة عسكرية جديدة.
ووفقاً للمصادر، فإن المعيار الأساسي في التشكيل يعتمد على الولاءات الشخصية للدائرة المقربة من أحمد الشرع، وإلى قيادات سابقة في هيئة تحرير الشام.
وأبرز التقرير معضلتين رئيسيتين: الأولى تتمثل في تولي شخصيات مقربة مناحمد الشرع مناصب حساسة رغم ضعف خبرتها العسكرية، في وقت يتم فيه استبعاد ضباط منشقين ذوي كفاءة والثانية تتجلى في تحول المنهج التدريبي ليركز بشكل كبير على محاضرات دينية لطائفة محددة، على حساب التدريب على المهارات القتالية والانضباط العسكري الأساسي.
من جهة أخرى، لفتت الصحيفة إلى قرارات وصفتها بـ"الشكلية"، مثل منع التدخين، مقابل غياب تدريب متخصص حقيقي، كما أشارت إلى إدخال برامج عقائدية مستوحاة من فكر هيئة تحرير الشام إلى المنظومة التدريبية، وهو ما يثير، بحسب التقرير، مخاوف من إقصاء مكونات سورية أساسية مثل العلويين والشيعة والدروز والكرد عن المؤسسة العسكرية الناشئة.
وحذّر التحليل من أن غياب المشاركة العادلة لكل المكونات في هذه المؤسسة الأمنية الأساسية، في ظل ضعف الانضباط وغياب آليات رقابية فعّالة، قد يزيد من حدة التوترات الطائفية المتصاعدة خلال العام الحالي 2025، ودعا التقرير، انسجاماً مع مطالب داخلية، إلى إنشاء وحدات للتوعية القانونية بدلاً من التركيز على التلقين العقائدي.
يأتي هذا التقرير في أعقاب كشف صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية عن اتصال بين المبعوث الأميركي توماس بارك والعميد المنشق مناف طلاس، مما يضع ملف إعادة هيكلة الجيش السوري في بؤرة الاهتمام الدولي.
وتعليقاً على هذه التطورات، شدّد المراقبون على أن مسألة بناء جيش وطني جامع تبقى محور النقاش السوري، باعتباره حجر الأساس لأي أمن واستقرار مستقبلي وأكدوا أن أي انتقال سياسي ناجح مرهون بتأسيس جيش تشاركي بعيد عن الأيديولوجيات الإقصائية، وهي الفكرة التي دافع عنها العميد مناف طلاس مؤخراً في محاضرة بباريس، عندما قال: "سوريا تحتاج إلى جيش وطني لا يقوم على مكون طائفي واحد."