نبض سوريا -متابعة
أكد وزراء أتراك في تصريحات متزامنة مواقف حكومتهم تجاه الملف السوري، في خطابٍ وُصف بأنه يتجاوز حدود التعاون إلى منطق الوصاية، متجاهلاً السيادة السورية. وجاءت التصريحات على لسان وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير التجارة عمر بولات، ووزير الداخلية علي يرلي كايا، وسط انتقاداتٍ لتدخل أنقرة في الشؤون الداخلية لدمشق.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن بلاده "لن تسمح بقيام إدارة فيدرالية في سوريا"، مُوضحاً أن أنقرة ترفض وجود أي هيكل عسكري خارج إطار الجيش السوري، ودعا خلال حديثه "وحدات حماية الشعب" إلى تسليم أسلحتها والاندماج في الجيش السوري.
من جانبه، أوضح وزير التجارة عمر بولات -خلال زيارةٍ إلى العاصمة السورية دمشق- أن تركيا "ستعمل على بناء سوريا حرة ومستقرة"، مشيراً إلى سعيه لتعزيز التعاون التجاري بين البلدين. في حين نفى وزير الداخلية علي يرلي كايا ما تردد عن نية تركيا توطين مدنيين فلسطينيين من قطاع غزة في مخيمات شمال سوريا، ووصف تلك الأنباء بأنها "غير صحيحة".
خطاب الوصاية.. تدخل في الشأن الداخلي
رأى مراقبون أن تصريحات الوزراء الأتراك، خاصةً ما تعلق برفض الإدارة الفيدرالية وتشكيل الجيش السوري، تُعتبر تدخلاً صريحاً في الشؤون الداخلية لسوريا، والتي يفترض أن يقررها السوريون بأنفسهم. وأشاروا إلى أن تحسين العلاقات بين البلدين لا يمنح أنقرة الحق في فرض رؤيتها على دمشق، سواءً في شكل النظام السياسي أو في الملفات الأمنية.
تعاون تجاري أم اجتياح اقتصادي؟
بدا حديث وزير التجارة التركي عن "بناء سوريا" مُستفزاً للبعض، خاصةً في ظل التاريخ الطويل للتوترات بين الجانبين، والانتقادات السورية السابقة لـ"الاجتياح الاقتصادي التركي" الذي استغل الأوضاع الأمنية منذ سنوات لتعزيز نفوذه في الأسواق السورية. كما أثار غياب التعليق الرسمي من الحكومة السورية على تصريحات الوزراء الأتراك تساؤلاتٍ حول طبيعة التفاهمات الخفية بين دمشق وأنقرة.
الجغرافيا لا تكفي.. السيادة شرط للشراكة
على الرغم من التأكيدات التركية على حرصها على استقرار سوريا، إلا أن الخبراء يرون أن خطاب الوصاية الذي تتبناه أنقرة يُهدد أي فرص حقيقية لتحسين العلاقات، مؤكدين أن نجاح أي شراكة بين البلدين يجب أن تقوم على أساس احترام السيادة وعدم التدخل في الخيارات الداخلية، مع الإشارة إلى فشل تجارب الوصاية التاريخية بين الدول المجاورة مقابل نجاح النماذج القائمة على المساواة.