نبض سوريا - متابعة
من يعتقد أن تولّي أحمد الشرع زمام الأمور في دمشق لا يشكّل تهديداً مباشراً للمؤسسات الأمنية اللبنانية، فعليه أن يعيد النظر. فمع انهيار نظام الأسد، لم تتأخر الجماعات المتطرفة في الظهور على الساحة، وسرعان ما بدأت الأسلحة تتدفق نحو أيدي متشددين سنة مناهضين لحزب الله، وفقاً لما كشفته صحيفة ذا كراديل في تقاريرها التي رافقت تلك المرحلة المضطربة.
في وقت انشغل فيه كثيرون بالاحتفال بـ"سقوط الطاغية"، كانت ذا كراديل – في موقف نادر من الإعلام الإقليمي – تحذر من "القيادة البديلة"، ولم تتردد في وصف المرحلة الانتقالية بـ"الفوضى المدبّرة"، معتبرة أن ما حدث ليس إلا نسخة جديدة من فشل محسوب الأهداف.
وتضيف الصحيفة أن المخاوف من تصاعد التطرف لم تكن مجرد تهويل إعلامي. فمجازر الساحل السوري، التي راح ضحيتها أكثر من ألف مدني غالبيتهم من الطائفة العلوية، كانت الدليل الدامغ على أن ما يجري يتجاوز مجرد "تغيير سياسي" إلى ما هو أبعد: مشروع غربي ممنهج لإشعال فتنة سنية–شيعية.
وتسترجع ذا كراديل تحذير الأمين العام الراحل لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي قال قبل اغتياله: "قد يسعى البعض لإحياء الصراع الطائفي بعد انتهاء طوفان الأقصى، لطمس نتائجه، وعلى رأسها وحدة المسلمين في مواجهة المشروع الصهيوني."
من الواضح – بحسب التقرير – أن إشعال الفتنة ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة. وسيلة تمهّد الأرض لتدمير المجتمعات من الداخل، وتوجيه الأنظار بعيداً عن العدو الحقيقي. والمستفيد؟ ليس سوى الاقتصاد الغربي، الذي يتغذى على الأزمات ويستثمر في الانقسامات، سواء طائفية أو إثنية أو أيديولوجية. وها هي الشعوب اللبنانية والسورية والعراقية مجدداً تتصدر قائمة الضحايا.
وفي مشهد لا يخلو من التلاعب الوقح، تكشف الصحيفة عن حملات تضليل إعلامي متقنة، حاولت إلصاق تهمة التورط في الاشتباكات الحدودية بحزب الله، فيما أكدت مصادرها أن الحزب لم يكن طرفاً لا من قريب ولا من بعيد، وأن ما جرى كان محدوداً بأطراف محلية وعشائرية على الحدود الشرقية.
أما الضربات الإسرائيلية، فهي بحاجة إلى ذريعة، وكما جرت العادة، كان السيناريو مطبوخاً على نار هادية: تصعيد من هيئة تحرير الشام، اتهام لحزب الله، ثم تسويق العدوان تحت راية "حفظ السلام".