سوريا أمام مفترق طريق
مدير المرصد: حرب أهلية أو دولة مدنية

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -متابعة

أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، يوم السبت، إن الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في سوريا كانت رسالة رد على استهداف الدروز وحملت طابعاً سياسياً أكثر من كونها عمليات قتل، محذراً في الوقت ذاته من خطر اندلاع حرب طائفية تهدد وحدة البلاد.


وقال رامي عبد الرحمن في تصريح تابعته وكالة"نبض سوريا"،إن "القصف استهدف مواقع عسكرية، ولكن نتيجة شظايا الصواريخ في منطقة حرستا بغوطة دمشق استشهد مدني وشمل القصف مواقع عسكرية في درعا ، و منطقة التل، وايضا شمل مناطق سورية مختلفة، بينها ريف حماة".

وأشار إلى، أنه "لا يقل عن عشرين غارة نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على مواقع تابعة لوزارة الدفاع أو للحكومة السورية الحالية، وهي رسالة واضحة بأن هذا القصف هو رداً على استهداف أبناء طائفة الموحدين الدروز".


وأضاف: "هناك قتيل مدني على الأقل في حرستا نتيجة الشظايا، وهناك إصابات في صفوف وزارة الدفاع. أيضاً هناك معلومات عن قتلى بريف حماة، لكن الأعداد حتى اللحظة غير واضحة، إذا ما كان هناك من جنسيات غير سورية.


 وبين عبد الرحمن، أن" الغارات كانت رسائل أكثر من محاولات قتل، أي أنها رسائل تحذيرية إسرائيلية وصلت للقيادة السورية بأن الاقتراب من الدروز هو خط أحمر".


وأوضح عبد الرحمن أن "أعداد الضحايا فاقت المئة وعشرة، بينهم مدنيون، ولكن الغالبية الساحقة من المقاتلين، بينهم ما لا يقل عن اثني عشر مدنياً، بالإضافة لوجود نحو ثلاثين عنصراً من القوات الأمنية، والباقي هم من المسلحين من أبناء طائفة الموحدين الدروز، الذين بعضهم قُتل في كمائن. وهذا العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود مفقودين لا نعلم إذا ما كانوا قد قُتلوا فعلاً، أم هم متوارون، أم هم معتقلون لدى الأجهزة الأمنية. 


ونوه إلى، أن "الاشتباكات والهجمات شملت صحنايا وجرمانا والسويداء، وكان هناك خشية حقيقية من اندلاع حرب في السويداء، ولكن هناك أيضاً خشية من تحول الأمر إلى صراع بين أبناء طائفة الموحدين الدروز على أساس أن الطائفة قُسّمت بين مؤيد ومعارض للحكومة في دمشق".


وتابع: "هناك هدوء حذر في السويداء، في صحنايا، في جرمانا. من القادم، وهناك رفض لتسليم السلاح لوزارة الدفاع في الوقت الراهن، قالوها بصراحة: السلاح يُسلّم عندما نصل إلى قناعة بأن الدولة هي لكل السوريين، والدولة قادرة على حماية كافة مكونات أبناء الشعب السوري، وأيضاً عندما تنتهي الفصائل المنفلتة التي تتحدث على أساس طائفي وعنصري. شاهدناهم يتحدثون في صحنايا، يهددون أبناء بني معروف، وفي الوقت ذاته يتوعدون الكورد بأن الهجوم قادم".


وأضاف: "نأمل أن لا تكون هناك حرب، لا طائفية ولا أهلية. نأمل أن نصل إلى قناعة بأن الدولة هي دولة جميع السوريين، وأن الرئيس يجب أن يكون رئيساً لكل السوريين. يجب أن نخرج من الإطار الطائفي والعنصري الذي لا يزال موجوداً داخل التراب السوري، ما دون ذلك، لن تكون هناك حرب طائفية ولا عنصرية. ولكن إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، يُخشى على سوريا كوطن أن تبقى كما هي الآن موحدة، رغم كل المحاولات لتوحيد أو إبقاء الأراضي السورية موحدة".


وشدد عبد الرحمن على أن "سوريا هي هوية وطنية. سوريا تجمع الكورد والعرب والعلويين والسنة والمسيحيين والدروز والتركمان، وكثير من المكونات السورية الموجودة على التراب السوري. يجب أن نخرج من إطار الأقلية والأغلبية. الأقلية والأغلبية تكون بالسياسة، لا في الوطن. نحن نأمل ونعمل من أجل ألا تكون هناك فتنة طائفية وعنصرية وعرقية في سوريا. ولكن، هل الجميع أيضاً يأمل ويعمل من أجل ألا تكون هناك حرب أهلية في سوريا؟ من أجل ألا يكون هناك تمييز بين مكونات الشعب السوري، وأن يتوقف القتل؟".


وأردف: "شعارات طائفية مقيتة نسمعها. يخرج علينا هذا الشيخ وذاك الشيخ، يهدد تارة العلويين، وتارة الدروز، وتارة يهدد الكورد. وكأننا خرجنا من نظام بشار الأسد القذر لنقول بأننا نحن أسقطنا نظام بشار الأسد، ولكن الدولة لم ولن تكون لجميع السوريين، ستكون لقسم من السوريين. هكذا لا تُبنى الدول. الكورد مكون أساسي من مكونات الشعب السوري، والدروز والعلويين والمسيحيين والعرب والسنة، الجميع هم مكونات الشعب السوري".


وانتقد عبد الرحمن التناقض في تعامل البعض مع السوريين قائلاً: "لماذا يريد البعض أن يُفضل التركستاني الذي جاء من الصين على أخيه السوري؟ ويفضل الأوزبكي، ويفضل التركي، ويفضل الشيشاني، ويفضل من جاء من شمال أفريقيا والخليج العربي على ابن سوريا؟ هذا أمر مضحك ومخجل".


وتابع: "هي حكومة تعتقد أنها من خلال البروباغندا الإعلامية والعلاقات مع الدول العربية وبعض الفضائيات العربية التي تحولت إلى قنوات فقط من أجل تلميع صورة هذه الحكومة وعدم الحديث عن السلبيات، تعتقد بأنها يمكن أن تنتصر، إذا وقفت معك جميع الدول العربية وجميع دول العالم، طالما هناك انتهاكات صارخة داخل الأراضي السورية، لن تكون رئيساً لكل السوريين. رئيس كل السوريين يجب أن يكون منفتحاً على كامل مكونات الشعب السوري، لا أن يقول أقوالاً والأفعال على الأرض مخالفة لكلامه".


واستفسر عبد الرحمن بالقول: "هل هو لا يتحكم بهذه الفصائل؟ هنا كارثة. نحن نريد شفافية، نريد وضوحاً كاملاً من الرئيس الشرع، أن يقول لنا: (أنا جئت لأكون رئيساً لكل السوريين، ولم آتِ لأكون رئيساً لجزء من طائفة سورية). يجب أن يكون هناك توضيح من قبل الحكومة، رأينا فكر داعش موجوداً بهذه الشعارات الطائفية المقيتة. القضية ليست في العلم أو الشعار، القضية في الفكر القذر الذي لا يزال موجوداً ولم يتغير".


وأضاف: "قد يكون الجولاني انقلب على فكره 180 درجة، وقد يكون الشيباني، وقد يكون آخرون، لكن الواقع أن من نشاهدهم بالصوت والصورة لم ينقلبوا على هذا الفكر المتطرف. ليس المهم أن تقول داعش، المهم أن هناك فكراً متطرفاً عنصرياً طائفياً لا يزال موجوداً، لا يزال يعتقد بأنه ميليشيا، ولم يرقَ إلى مسؤولية الدولة".


واختتم: "سوريا تتجه إلى اتجاهين، وفق قرارات القيادة والشعب السوري. إما أن تتجه إلى دولة حديثة، دولة مدنية، دولة لكافة مكونات الشعب السوري، أو تتجه وهذا ما نأمله ألا يحصل إلى دولة ذات اقتتال طائفي عنصري سيكون مدمراً لكلمة (سوريا)".