نبض سوريا - متابعة
كشفت صحيفة اندبندنت عربية عن تصاعد مخاوف المكون المسيحي في سوريا من استهداف وجودهم، وسط تزايد الانتهاكات وتنامي الخطابات التكفيرية، ما دفع آلاف العائلات إلى الهجرة بحثاً عن الأمان.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن الأحداث الأخيرة التي طالت مكونات سورية أخرى، كالعلويين والدروز، أعادت إلى الأذهان مخاوفاً قديمة بتحول المسيحيين إلى هدفٍ مقبل لفصائل مسلحة.
وذكرت الصحيفة أن قرى ومدناً سورية، مثل دمشق وحلب والقامشلي، تشهد حالياً نزيفاً بشرياً صامتاً، مع تراجع أعداد المسيحيين بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث هاجر الآلاف إلى دول الجوار وأوروبا هرباً من ويلات الحرب وغياب الاستقرار.
وبين أحد المقيمين في حلب، رفض ذكر اسمه، أن "الوجود المسيحي أصبح شبه منعدم في مناطق كانت تُعتبر حاضنة تاريخية لهذا المكون".
من جهته، قال الأمين العام للتيار السوري المدني الحر في الولايات المتحدة،عزيز وهبي، إن "المسيحيين كانوا دوماً دعاة سلام وبناء، لكن بقاءهم مرتبط بتوفير الحماية واحترام حقوقهم"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية فشلت في إعطائهم أي أمل بالمشاركة الفعلية في بناء مستقبل البلاد".
وأضاف وهبي في حديثٍ خاص لـ"اندبندنت عربية" أن "تعامل المسيحيين كمواطنين من الدرجة الثانية يهدد وجودهم، كما حدث مع مسيحيي العراق".
بدوره، أوضح المطران يوليان يعقوب مراد، مطران السريان الكاثوليك، أن "الثقة بين الشعب والحكومة مفقودة بسبب التناقض بين الخطابات الرسمية والواقع الميداني"، مشدداً على أن "تبرير الانتهاكات بأعمال فردية لم يعد مقنعاً". وتابع مراد: "الدولة التي تعجز عن حماية شعبها وأرضها لا تستحق الثقة".
وفي سياق متصل، لفت جهاد شاهين، وهو مسيحي سوري، إلى أن "السيارات الدعوية التي تنتشر في الأحياء المسيحية تزيد من شعور المسيحيين بالخطر"، معتبراً أن "فرض الخطابات الدينية بالقوة ينتهك حقوق الإنسان في المعتقد". وأكد شاهين أن "غياب الأمن يدفع الجميع إلى تفضيل الهجرة، رغم الحنين للوطن".
من جانبها، نفت نادين ماينزا من الأمانة الدولية للحريات الدينية في واشنطن وجود ضمانات دولية فعلية لحماية المسيحيين، مشيرة إلى أن "المأساة تكمن في عجز الكثيرين عن الهجرة رغم رغبتهم". وفي الوقت نفسه، حذرت من أن "العلامات المقلقة في الأحياء المسيحية قد تنذر بعنفٍ واسع قريباً".
يذكر أن مشهد إحراق شجرة الميلاد في بلدة السقيلبية ذات الأغلبية المسيحية، ومجزرة الساحل السوري الأخيرة، أثارتا موجة غضبٍ واسعة، وسط اتهامات للحكومة بالسكوت عن تصرفات الفصائل المسلحة. وبينما ينتظر المسيحيون دورهم في دوامة العنف، يبقى الأمل الوحيد – وفق مراد – "هو الإيمان بالله وانتماءٌ لوطنٍ لم يعد يحفظ كرامة أبنائه".