نبض سوريا - متابعة
كشفت مصادر أمـنية في العاصمة دمشق عن اجتماع سري عُقد بين جهـاز الاستخبارات التركي (MIT)، والمخابرات العامة لدى سلـطة دمشق، وقادة في جهاز الأمن الوطني، حيث صدرت خلاله توجيهات مباشرة من الاستخبـارات التركية تقضي بتسـهيل تحركات قيادات تنظيم داعش داخل الأراضي السورية.
وبحسب المصادر، فقد طلبت الاستخبارات التركية من رئيس المخابرات العامة لدى سلطة دمشق، حسين سلامة، المعروف بلقبه “أبو مصعب شحيل”، ورئيس المخابرات العسكرية المدعو “أبو نور”، تأمين تحركات قيادات داعش داخل محافظات حمص، دمشق، والسويداء، مع التركيز على عناصر من أصول تركية سبق وأن تم تدريبهم من قبل جهاز الاستخبارات التركي.
نقل عناصر مطلوبة دولياً إلى مناطق خاضعة لسلطة دمشق
وأكدت المصادر أن التوجيهات التركية لمخابرات سلطة دمشق تضمن نقل مجموعة من عناصر داعش المطلوبين للتحالف الدولي والولايات المتحدة، من تركيا إلى الداخل السوري عبر معبر باب الهوى، وقد تم بالفعل نقل هذه العناصر إلى دمشق، حمص، والسويداء، بهدف تنفيذ عمليات داخل تلك المدن.
وتأتي هذه الخطوة، وفق المصادر، في إطار مخطط يهدف إلى إظهار تمدد داعش في كافة المناطق السورية، بما في ذلك الخاضعة لسلطة دمشق، وذلك لإقناع المجتمع الدولي بوجود تهديد مشترك يتطلب دعماً موسعاً، وقبولاً بـ”السلطة الجديدة” التي تقودها هيئة تحرير الشام.
مهمة الفوضى واتهام قوات سوريا الديمقراطية
وبحسب ما كشفت عنه المصادر الأمنية، فقد شملت التوجيهات التركية أيضاً فبركة رواية إعلامية وأمنية تتهم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتهريب عناصر داعش من “مخيمات سرية” في شمال وشرق سوريا إلى مناطق سلطة دمشق، وذلك دون علم التحالف الدولي، في محاولة لخلق بلبلة إعلامية وتشويه صورة قسد.
وأكدت المصادر أن هذه الخطوة تأتي في سياق خلق فوضى أمنية مدروسة، تستثمرها تركيا في إعادة هندسة المشهد الأمني والسياسي بما يتوافق مع أهدافها في سوريا والمنطقة.
قادة داعش المدفوع بهم إلى دمشق: أسماء وتفاصيل
وكشفت المصادر قائمة تضم عدداً من قيادات داعش الذين تم إدخالهم إلى سوريا بتاريخ 17 أيار، بعد أن جُمِعوا على مدار الأشهر الثمانية الماضية من قبل الاستخبارات التركية، وهم كل من:همدوسين ترك (مواليد 1988 – جنوب ديار بكر)، دمير آيدمير (مواليد 1990 – ديار بكر)، محمد بكل (مواليد 1985 – قونيا)، كنان أوزغون (مواليد 1996 – ناحية فارقين، ديار بكر)، آمر أوناي (مواليد 1995 – مدينة وان)
وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء القادة يقيمون حالياً في مقر يقع فوق مركز شرطة حي القدم في دمشق، وهو مبنى كان مخصصاً سابقاً لعائلات ضباط النظام السابق، ويخضع حالياً لإدارة شخص يُدعى “الشيخ عثمان”، وهو تابع لـ هيئة تحرير الشام.
استخدام داعش كأداة
وبحسب ما كشفت عنه المصادر، فأن هناك مخططاً تركياً يستهدف استخدام داعش كأداة لتحقيق أجندات استراتيجية في سوريا، وذلك من خلال توظيف التنظيم في عمليات ممنهجة تهدف إلى تقديم هيئة تحرير الشام كـ”سلطة” قادرة على مكافحة الإرهاب، بغية كسب دعم دولي وإقليمي، خصوصاً من التحالف الدولي وإسرائيل.
وبحسب المصادر، فإن هذا المخطط الذي يشرف عليه جهاز الاستخبارات التركي (MIT)، يقوم على تحفيز نشاط داعش في بعض مناطق سوريا، عبر تسهيلات لوجستية واستخباراتية، ليتبع ذلك تنفيذ عمليات عسكرية تنفذها هيئة تحرير الشام ضد التنظيم، في محاولة لإبراز الهيئة كقوة موثوقة يمكن الاعتماد عليها في محاربة الإرهاب.
عمليات مدروسة في حلب والميادين
وأشارت المصادر إلى أن هذا السيناريو بدأ تطبيقه فعلياً خلال الأيام الماضية في مدينتي حلب والميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث تعرضت مقرات تابعة للأمن العام لهجمات مباغتة اتُّهم تنظيم داعش بالوقوف وراءها. وبالتزامن مع ذلك، أعلنت هيئة تحرير الشام بدء “عمليات أمنية” ضد داعش، في خطوة يُنظر إليها على أنها جزء من هذا المخطط.
دور تركي خفي… وواجهة ظاهرة
ويرى مراقبون أن هذا التلاعب الأمني يندرج ضمن استراتيجية تركية أوسع تهدف بحسب ذات المصادر، إلى كسب اعتراف دولي ضمني بشرعية “السلطة الجديدة” في دمشق إذا نجحت الهيئة في تقديم نفسها كبديل قادر على مواجهة الإرهاب، وإعادة ترتيب الخارطة الأمنية في سوريا بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في الجنوب والشرق، تشتيت انتباه المجتمع الدولي عن دورها في دعم الجماعات المتطرفة واستخدامها ورقة ضغط على الأطراف الإقليمية والدولية.
تحذيرات من تداعيات أمنية خطيرة
وتحذر جهات محلية ودولية من أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تصاعد حدة التوترات الأمنية في مناطق عدة من سوريا، خاصة إذا توسعت رقعة العمليات بين داعش وهيئة تحرير الشام، ما قد يضع السكان المدنيين في دائرة الخطر، ويزيد من تعقيد المشهد السوري المتأزم أصلاً.
كما يُنذر هذا المخطط بإعادة تنشيط داعش، في وقت تبذل فيه الأطراف الدولية جهوداً كبيرة لتحجيمه، ما قد يهدد أمن المنطقة برمتها، بما فيها العراق وشمال وشرق سوريا.
دلالات وتداعيات
ويرى محللون أن ما تم الكشف عنه يمثل تصعيداً خطيراً في سياسة تركيا داخل الأراضي السورية، ويوضح طبيعة التحالفات الأمنية غير المعلنة التي توظف داعش كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، معتمدين على إعادة تدوير التنظيمات المتطرفة بما يخدم مصالح ضيقة.
وتشير هذه التطورات إلى تصاعد احتمالات زعزعة الأمن في الداخل السوري، في وقت تحاول فيه الأطراف الدولية خفض التصعيد وتحقيق استقرار مستدام، مما يتطلب من المجتمع الدولي التدقيق في تحركات بعض الأطراف الإقليمية التي تستخدم "داعش" كأداة ضغط ومساومة.