نبض سوريا - حكمت الشعلان
مقدمة: ما بعد السقوط… انكشاف المصير
لم يكن سقوط نظام بشار الأسد حدثًا معزولًا في سياق الصراع السوري، بل نتيجة هندسة إقليمية ودولية دقيقة. فبقيادة تركية مباشرة، وبشراكة استخباراتية مع قوى اقليمية ودولية ، تم تفكيك الدولة السورية، وتسليم مقاليد الحكم على الأرض لفصائل جهادية سلفية متطرّفة، تتخذ من الإسلام ستارًا، ومن الذبح والتهجير وسيلة.
هذه الفصائل، التي تشكّل الجناح العسكري للعقل الإقصائي التاريخي، فتحت أبواب الجحيم بمجازر على الأقليات السورية:
30 ألف علوي قُتلوا وألف وخمسمائة من بقية الأقليات ، فضلاَ عن 15 ألف معتقل من أبناء الأقليات، نحو 300 امرأة اختُطفن، وجرى الاعتداء على كنائس ومقامات ومراقد، في مشهد لا يختلف عن مجازر القرن العشرين إلا في أنه جرى تحت كاميرات العالم وصمته.
ما الذي تريده الفصائل الجهادية؟
ليست هذه الفصائل مجرد جماعات متمردة، من أوجدها يراها مشروعاَ يخدم أجندته وفي الواقع هي إضافة لكونها مشروع أيضاَ أدوات عسكرية لعقيدة فكرية متطرفة، ترى في التعدّد "كفرًا"، وفي الأقليات "نجاسة دينية وسياسية". مشروعها واضح:
إبادة الأقليات أو إخضاعها.
تهديم التراث الديني غير السلفي.
فرض الخلافة التكفيرية بالسيف.
تمكين تركيا كمرجعية عليا للسنّة، على حساب كل تنوّع عربي أو مشرقي.
سلاح المقاومة: الخيار الأخير… والوحيد
في مواجهة هذا الإعصار الدموي، لم تصمد أي قوة سياسية أو طائفية كما صمد حزب الله. لم يتورط في ردّات فعل طائفية، بل خاض معركة الوجود والمصير في القصير، القلمون، حلب، وصمد في جرود عرسال، وحمى الخاصرة اللبنانية من التمدد التكفيري.
اليوم، وبعد أن انكشفت النيات، لم يعد بالإمكان الحديث عن "حلول وسط" أو "حياد سياسي".
الحل الوحيد هو:
التمسّك بسلاح المقاومة، وتحويله إلى درع للأقليات في المشرق.
تحالف الأقليات: من رد الفعل إلى المشروع المصيري
أولاً – تحالف أمني/عسكري
تنسيق مشترك بين القوى الدرزية، العلوية، الشيعية، والمسيحية القادرة على حمل السلاح، تحت مظلة المقاومة.
بناء جبهة ردع في الجبل، البقاع، الساحل السوري، وسهل الغاب.
ثانيًا – ميثاق سياسي علني
إعلان واضح بأن أي نظام أو قوة تدعم الفصائل الجهادية هي قوة عدوانية.
التأكيد على أن بقاء الأقليات مرهون بالتحالف مع المقاومة وليس بالارتهان للخارج.
ثالثًا – جبهة إعلامية وثقافية موحدة
فضح المشروع التكفيري بالوثائق والصور والشهادات.
كسر المقولة الغربية أن الأقليات هي من "حمَت الاستبداد"، عبر إثبات أن الاستبداد الحقيقي هو ما تمارسه الجماعات المسلحة على الجغرافيا والمجتمع.
لبنان أولًا: ساحة التجربة الحية
لبنان ليس فقط بلد التعدّد، بل الواجهة الأمامية لمعركة الوجود القادمة. بعد سقوط دمشق، باتت عين الفصائل على بيروت، وعلى الجبل، وعلى الجنوب.
وهنا، يبرز حزب الله كـ الضامن الأخير للتوازن الداخلي، ولعدم انهيار الساحة أمام فوضى التكفير. من هنا، يصبح:
أي مسّ بسلاح المقاومة هو خيانة صريحة لمصير الأقليات في لبنان والمنطقة.
خاتمة: لا مفرّ من الخيار المقاوم
ليست القضية طائفية، ولا معركة دفاع عن طائفة دون غيرها.
إنها مواجهة بين من يريد أن نعيش أحرارًا في أوطان متعددة، ومن يريد أن يُحكم علينا بالموت أو الذل تحت راية سوداء.
في زمن التصفية، لا حياد. وفي زمن الذبح، لا مجاملة.
إما أن نتحالف… أو نُباد.