سوريا بين سلطة أحمد الشرع والفوضى الأمنية: تحليل في مشهد الدم والانهيار

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - خاص

منذ استلام أحمد الشرع زمام السلطة في ديسمبر 2024، بات واضحًا أن سوريا تدخل مرحلة جديدة من العنف الممنهج والانهيار الأمني. فبدلًا من أن يكون الحكم الجديد بداية لاستقرار طال انتظاره، تحوّلت البلاد إلى ساحة مفتوحة للتصفية الميدانية، حيث أصبحت لغة الدم هي الأداة الأساسية لترسيخ السيطرة.

أولًا: التصفية اليومية كمنهج حكم

تشير بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى مقتل أكثر من 5,514 مدنيًا خلال خمسة أشهر فقط (من ديسمبر 2024 حتى مايو 2025)، بينهم ما يزيد على 2,092 حالة إعدام ميداني. هذه الأرقام تعكس ليس مجرد فشل أمني، بل سياسة واعية لإدارة السلطة عبر الرعب.

وفي مجازر الساحل السوري (مارس 2025) وحدها، قُتل أكثر من 1,600 شخص، بينهم مئات المدنيين الذين استُهدفوا بشكل مباشر على يد قوات موالية للسلطة، وفق تقارير رويترز ومنظمات محلية. هذه المجازر لم تكن عفوية، بل رسائل سياسية لإخضاع مناطق متوترة بالحديد والنار.

ثانيًا: تفكك مؤسسات الدولة

على الرغم من الإعلان عن تشكيل مجلس الأمن القومي في مارس 2025، فإن الأجهزة الأمنية لم تستطع فرض الاستقرار. بل إن انهيار مؤسسات القضاء والشرطة جعلها أدوات سياسية بيد السلطة، تُستخدم للاعتقال التعسفي والتنكيل، لا لحماية المواطن.
خلال عام 2024 وحده، وُثّقت أكثر من 2,600 حالة اعتقال تعسفي، معظمها على خلفية معارضة سياسية أو انتماء طائفي.

ثالثًا: الفوضى والاغتيالات الطائفية

لم تتوقف آلة التصفية عند حدود القمع السياسي، بل اتخذت بعدًا طائفيًا واضحًا. ففي بداية عام 2025، وثّقت تقارير أكثر من 190 عملية اغتيال ذات خلفيات انتقامية وطائفية، كان لمحافظة حمص وحدها النصيب الأكبر بـ 91 ضحية.
وفي يونيو 2025 فقط، سُجلت 12 عملية اغتيال خلال خمسة أيام، أسفرت عن 26 قتيلًا، في دلالة على انهيار منظومة الأمن وانتشار العنف المنظم.

رابعًا: سوريا رهينة إستراتيجية "الفوضى المتعمدة"

ما يجري اليوم ليس مجرد عجز عن ضبط الساحة، بل إستراتيجية مقصودة لإبقاء البلاد في حالة فوضى مدروسة. فالسلطة الحالية تدرك أن أي استقرار حقيقي سيفتح الباب أمام تساؤلات حول شرعيتها، ولذلك تصنع مشهدًا يقوم على خيارين:

  • إما بقاءها كـ "أهون الشرّين"،

  • أو انزلاق البلاد في مزيد من العنف والانقسام.


الوضع الأمني في سوريا لم يعد أزمة عابرة، بل هو نهج حكم قائم على:

  • التصفية اليومية،

  • تغييب العدالة،

  • وتوظيف الطائفية كسلاح سياسي.

سلطة أحمد الشرع، بدلًا من أن تعيد بناء مؤسسات الدولة، أطلقت العنان لماكينة قمع لا تعرف إلا الدم وسيلة لإطالة عمرها. هذا النهج قصير المدى، لكنه يزرع أرضية لانفجار اجتماعي وطائفي قد يكون أخطر بكثير مما هو قائم اليوم.