نبض سوريا - متابعة
حذّر الخبير في الشؤون السياسية، مالك الحافظ، من أن الاتفاقية الأمنية التي يتم التفاوض عليها برعاية أمريكية مع إسرائيل، والمتوقع توقيعها في نيويورك، ليست مجرد تفاهمات تقنية عابرة، بل هي مشروع استراتيجي يهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ والشرعية في المنطقة بأكملها.
وأكد الحافظ في تحليله أن ما يجري تحت غطاء العودة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، إنما يرمي إلى تطبيع التواصل مع إسرائيل وفرص الإذعان لمطالبها، في خطوة وصفها بمقامرة تخوضها سلطة انتقالية تفتقر إلى التفويض الوطني والشرعية الشعبية وأي تمثيل حقيقي عبر مجلس منتخب، مشيراً إلى أن هذا المسار يقوم على أساس إقصاء الإرادة الشعبية ووضعها أمام الأمر الواقع.
ولفت الخبير السياسي إلى أن السوابق التاريخية ماثلة للعيان، من كامب ديفيد إلى وادي عربة واتفاقيات أوسلو، حيث دفعت المنطقة ثمناً باهظاً لاختزال قضية الدولة في شخص أو نخبة محدودة، وكانت النتيجة تمدداً إسرائيلياً متصاعداً وتراجعاً عربياً مستمراً.
وأضاف أن من يتابع ما يتم تسريبه حول سيطرة إسرائيلية أو نفوذ سيمتد على ثلاث محافظات في الجنوب السوري، يدرك جيداً أن الأمر لا يتعلق بخطوة تكتيكية أو براغماتية أو ما يُسمى ثعلبة دبلوماسية، بل هو اتفاقية تهدف إلى تثبيت سلطة ودفع فاتورة الانتقال من مربع الفعل إلى هامش التبعية، وصولاً إلى التخلي عن الأراضي المحتلة قديماً وترسيخ السيطرة على أراضي محتلة حديثاً.
وختم الخبير بالشؤون السياسية تحذيره بالقول إن سوريا ليست رقعة خاملة يسهل تسييلها في مقايضات المقامرة السياسية لسلطة وظيفية تؤدي دوراً مرسوماً لها، مشدداً على أن قوة سوريا تكمن في موقعها الاستراتيجي وشعبها الأبي وتاريخها النضالي، وأن التفريط بهذه الأوراق هو انزلاق إلى هاوية التبعية لعقود طويلة، ومسار لن يغفره التاريخ.