ماذا لو قال "نعم" ؟
قراءة في تحوّل السياسة السورية بعد الأسد

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة 

بعد بحثٍ معمّق في مسار الأداء السياسي خلال الأشهر الإحدى عشرة التي تلت السيطرة على السلطة من قبل أحمد الشرع، تظهر المقارنات أن التحول لم يكن في الأشخاص بقدر ما كان في طريقة التفكير والتعاطي مع العالم الخارجي، فبينما حافظ النظام السابق على نهج الرفض والممانعة في كثير من الملفات الإقليمية والدولية، اختارت الحكومة الانتقالية  الجديدة سياسة الانفتاح، وقدّمت تنازلات كبرى لتصحيح علاقاتها مع الغرب.


وتشير أوساط سياسية إلى أن الشرع تمكّن خلال فترة وجيزة من كسر الجمود الدبلوماسي الذي رافق سوريا لأكثر من عقدين، وفتح قنوات تواصل مع أطراف كانت حتى الأمس القريب على قوائم الخصومة بعد تقديم بنك من التنازلات كانت تصعب لدى الأسد الأبن المساومة عليها. 

ويرى محللون أن حجم التبدّل في الموقف السوري هو ماكان متفق عليه قبل أن يخطو الشرع نحو دمشق .


وعلّق الباحث السياسي محمد هويدي على هذا التحوّل قائلاً إن "الحديث عن “إنجازات” خلال أحد عشر شهراً لا يستند إلى وقائع ملموسة على الأرض"، معتبراً أن "ما يُوصف بالانفتاح الحالي هو في جوهره امتداد للمشروع الذي أتى بالسلطة نفسها، وليس نتاج أداء جديد".


ويضيف هويدي أن "جوهر المسألة لا يتعلق بالحنكة أو بالعبقرية السياسية، بل بقرار القبول أو الرفض، فلو أن النظام السابق قال "نعم" عام 2003 عقب غزو العراق وأثناء زيارة كولن باول إلى دمشق، لتغير الكثير من مسار المنطقة، وكذلك الأمر مع إسرائيل، إذ كان يكفي أن تُقال “نعم” واحدة لتتبدّل المعادلة السياسية برمّتها.


ويخلص الكاتب إلى أن "الفارق بين العهدين لا يكمن في قدرات الأشخاص، بل في القرار ذاته، قرار الانفتاح على الغرب والموافقة على شروطه بعد سنوات من الرفض وهي معادلة تختصر المشهد السوري الجديد" أن من قال “نعم” اليوم، يحصد ما عجز عنه من قال “لا” بالأمس".


وفي المحصلة، لا يحمل هذا التحليل مدحاً لأحمد الشرع ولا ذمّاً لبشار الأسد، بل يعكس واقعاً سياسياً متحركاً يقوم على مبدأ تقديم الولاء للغرب أو الامتناع عنه، وهو المعيار الذي بات يرسم حدود القبول والرفض في معادلة الحكم الإقليمي والدولي.