نبض سوريا -متابعة
شهدت منطقة الساحل السوري تصعيداً أمنيا متزامنا مع حراك احتجاجي متوتر، أسفر عن سقوط قتلى ومصابين من المتظاهرين في اللاذقية وطرطوس، عقب تعرضهم لإطلاق نار مباشر أثناء تظاهراتهم.
وضع مدير مؤسسة غنوسوس للأبحاث عمار وقاف في قراءة تحليلية مسار الاحتجاجات الأخيرة في سياق تراكمي من الإخفاقات في المعالجة، ومشدداً على أن ما جرى يمثّل "انتكاسة" ناتجة عن غياب حلول ملموسة، وافتقار الناس إلى رؤية واضحة تُظهر "ضوءاً في نهاية النفق".
وأكد وقاف أن الاحتجاجات ليست حدثاً معزولاً، بل حلقة ضمن سلسلة مطالب اجتماعية واقتصادية وأمنية لم تُعالَج منذ سقوط النظام السابق.
ويربط وقاف بين الدعوات للاعتصام وما سبقها من أحداث، مشيراً إلى أن الهجوم الذي طال أحياء العلويين في حمص الشرقية شكّل لحظة مفصلية دفعت الناس إلى الشعور بأن الاستباحة بلغت حداً لا يُحتمل.
ويرى أن الاعتصام الذي جرى لاحقاً أسهم في تخفيف الاحتقان، إلا أن محطات تالية، من بينها احتجاجات اليوم، جاءت في ظل استمرار القضايا ذاتها دون حلول.
وانتقد وقاف أسلوب الحكومة المؤقتة في التعامل مع الاحتجاجات، معتبرا أن ما جرى من اقتحامات وتخريب وإطلاق نار وسقوط قتلى لا يمكن أن يشكل معالجة سليمة، مؤكدا أن غياب استراتيجية معلنة يترك الناس فريسة للتحريض، ويدفع البلاد تدريجياً إلى دوامة عنف وعدم استقرار، بما يهدد الأرزاق والأرواح معاً.
ويضع وقاف العامل الاقتصادي في صلب الأزمة، موضحا أن تسريح مئات آلاف الموظفين منذ سقوط النظام السابق حرم المنطقة الساحلية من موردها الأساسي، إذ يقوم اقتصادها على الرواتب.
ويعد وقاف ملف المعتقلين من القضايا الملحة، مطالبا إما بإحالتهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنهم بانتظارها، رافضا إبقاء الآلاف رهن الاحتجاز.
من جانبه كشف المحلل محمد هويدي أن ترويج السلطة المؤقتة لنظرية المؤامرة ليس سذاجة سياسية فحسب، بل أداة للهروب من المسؤولية وتبرير الفشل.
وأضاف أن الادعاء بأن الشيخ غزال غزال لا يمثّل إلا نفسه هو إنكار فجّ للواقع، فحجم الالتفاف الشعبي حوله، والإضراب العام، والمظاهرات المتواصلة، تؤكد أنه أصبح عنوانا لموقف علوي جامع.
وحول زج بقوات سوريا الديمقراطية كمتهم جاهز في أحداث الساحل، فلا يدل حسب الكاتب إلا عن إفلاس سياسي وتخبّط إعلامي، إذ إن جذور الأزمة معروفة: مجازر، انتهاكات، تفجير دور عبادة، إقصاء وظيفي، وتهجير قسري، كلها سياسات راكمتها السلطة ودفع ثمنها المجتمع.
واختتم بالقول إن استمرار السلطة وإعلامييها ومحلّليها في تسويق روايات مفصولة عن الواقع، واعتماد الكذب والتضليل كأدوات إدارة، لا يقود إلا إلى دفع سوريا نحو المجهول، مبينا أن المشهد بالغ الخطورة، والإنكار لم يعد سياسة بل مقامرة بمصير البلاد.