أنس جودة: مشكلتنا ليست مع "التقارب" مع واشنطن.. بل مع تأثير مضمونه على السوريين

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة 

أكد  رئيس حركة البناء الوطني، أنس جودة أن المشكلة السورية لا تكمن في عملية التقارب مع واشنطن بحد ذاتها، وإنما في المضمون الذي يحمله هذا التقارب والنتائج المترتبة عليه وانعكاساته السلبية على الشعب السوري.


جاء ذلك في مقال موسع نشره جودة على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، أوضح فيه أن جوهر الأزمة لا يتمثل في الصورة الإعلامية للقاءات، بل في مضامين الوثائق ومحاضر الاجتماعات التي تُجرى بعيداً عن أعين الشعب.


وحذّر جودة من الانشغال بالحدث في واشنطن مع إغفال ما يجري على الأرض في دمشق وطرطوس واللاذقية والسويداء والقامشلي وحلب ومنطقتي الغاب والقلمون. 


وشدد على أن "المشكلة الحقيقية ليست في اللقاءات العلنية مع رؤساء الدول، بل في المفاوضات السرية التي تُعقد على دمائنا ومصير بلادنا".


كما هاجم الخطاب الإعلامي المغاير للواقع، قائلاً: "ليست المشكلة في المقابلات الإعلامية، بل في الوعود الإعلامية التي ترسم عالماً وهمياً عن التنمية والسلام وحقوق الإنسان، بينما الواقع في البلاد شيء آخر تماماً".


ورفض جودة اختزال المشكلة في أسماء مُدرجة على قوائم الإرهاب لأسباب سياسية، معتبراً أن "المحك الحقيقي يكمن في الأفعال التي تُرتكب على الأرض، هل هي نضال وطني أم قتل على الهوية لخدمة أجندات لا تمتّ للوطن بصلة؟".


ولم تكن المشكلة – وفقاً لجودة – مع تيار سياسي أو ديني محافظ أو متشدد، بل مع "من رفع المصاحف على الرماح لا طلباً للحق، بل ليضع سيفاً على رقبة كل من يريد التفاوض والتوافق"، على حد تعبيره، في إشارة إلى من وصفهم بالانتهازيين الذين يتخلون عن مبادئهم عند الوصول إلى السلطة.


وأكد جودة أن "مصلحة الناس والبلاد هي البوصلة الأخلاقية الأعلى، رافضاً وقوف حركته في موقف ما أسماه "الجكر" الذي "جرّ سوريين إلى معاقبة شعبهم" بفرض عقوبات دمرت حياة الناس ومستقبل أولادهم بدافع معارضة النظام".


وفي الوقت ذاته، رفض موقف الهدم الذي فتح أبواب الجحيم على سوريا، واستدعى كل مرتزقة الأرض وسلاحها، ونصَب غرف عمليات في الشمال والجنوب لإسقاط نظام مستبد نرفضه، لكننا نرفض أكثر أن يُسفك دمُ شعبٍ بأكمله تحت راية إسقاطه".


وأوضح أن :حركته لا تقبل أن يكون استقرار البلاد ثمناً للخضوع، ولا أن تكون السيادة ذريعةً للقتل والفساد".


وأعلن قبولهم "بكل تقاربٍ أو تفاهمٍ يوقف النزيف ويعيد للسوريين حياتهم وكرامتهم"، مشترطين أن يقوم هذا التفاهم على الحقيقة والمحاسبة والتغيير الفعلي في بنية الحكم، لا على تبادل المصالح في غرفٍ مغلقة".


ورفض جودة في مقاله كل تسويةٍ تُبنى على الخداع، وكل خطابٍ يحاول إقناعهم باستمرار الظلم بحجة مظلوميات سابقة، وكل مشروعٍ يستبدل "الاستبداد القديم بآخر جديد". مؤكداً أنهم "لن يقبلوا سوى بما يصون كرامة الناس ويعيد لهم ثقتهم بأنفسهم وبدولتهم".


وختم بالقول،"سيبقى نضالنا مستمراً، لا ضدّ طرفٍ بعينه، بل ضدّ منطق الطغيان أياً كان شكله أو اسمه.. نضالٌ من أجل وطنٍ حرّ، دولةٍ عادلة، وكرامةٍ لا تتجزأ".


 مؤكداً أن "المعركة الحقيقية "لم تكن يوماً بين سلطةٍ ومعارضة، بل بين من يريد بناء سوريا، ومن يريد امتلاكها".


واستذكر جودة في مقاله قصة ذات دلالة تعود إلى عام 2017، خلال أحد لقاءات المسار الثاني عالية الأهمية والسرّية، حيث كان ضمن الحضور مستشار مقرّب من الرئيس بشار الأسد.


وخلال استراحة، خرج المستشار مسروراً من لقاء جانبي جمعه بوزير خارجية أميركي سابق، فتوجه إليه جودة مازحاً: "شايفك مبسوط …أموركم طيبة مع الأميركان؟"، فابتسم ابتسامة عميقة، وأضاف جودة: "لا تظنّ أبداً أننا ننزعج من التقارب مع الأميركيين، فالتقارب يعني استقراراً للبلاد، والمجنون فقط من يريد استمرار الحرب والموت".


وأردف بكلمات عميقة: "مشكلتنا أنكم، بعد كل تقارب، تبيعون الداخل وتظنون أنكم أقوياء، فترفضون أي تغيير حقيقي"، في إشارة إلى أن المشكلة ليست في أصل التقارب، بل في توظيفه داخلياً لتعزيز الوضع القائم ومنع الإصلاح.