نبض سوريا - متابعة
لاقت الطريقة الوحشية التي قمع أردوغان من خلالها معارضيه صدى كبيرا في قراءات ومطالعات الصحف
مجلة فورين بوليسي الأمريكية، نشرت مقالاً بعنوان "لا يمكن لتركيا أن تنعم في وجود أردوغان أو بدونه"، للباحث ستيفن أيه كوك تحدث من خلاله على أنه من الصعب أن نحدّد على وجه الدقّة متى انزلق أردوغان على منحدَر الثقة المفرطة بالنفس كسياسي ناجح حتى وصل إلى الغطرسة النرجسية".
وفقاً لستيفن فإن الانزلاق إلى الغطرسة النرجسية في تركيا جاء من جرأته على اعتقال أكرم إمام أوغلو - آخر خصومه الذي يمثلون خطراً حقيقياً على حكمه ،مستفيدا من أن دونالد ترامب في البيت الأبيض لن يحاسبه على التخلص من خَصم محتمل. كما أن الأوروبيين يتوددون الآن إلى تركيا لدواعٍ أمنية، في ظل تراجُع واشنطن على صعيد التزاماتها الأمنية إزاء حلفائها في الناتو.
"لكنّ أردوغان، رغم ذلك، قد لا ينجح؛ فإذا كان استطاع قراءة المشهد الأمريكي والأوروبي قراءةً صحيحة، فإن غطرسته فيما يبدو أنْسَتْه أن يحسب حساب الأتراك"، على حدّ تعبير الكاتب.
فربما لم يخطر ببال أردوغان أن يخرج الأتراك في حشود، احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية اسطنبول إمام أوغلو، لكن هذا ما حدث بالفعل. حيث يقول كاتب المقال إنه "من الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه هذه الانتفاضة في تركيا، لكنْ أيّاً ما كانت النتيجة، فهي لن تكون جميلة".
ويحذّر مراقبون من مغبّة نجاح مقامرة أردوغان، التي ستعني أنّ تحوُّل تركيا إلى المسار الاسبتدادي سيُمسي مضموناً. لكن الكاتب يرى أن هذه ليست القضية؛ فتركيا من وجهة نظره سارت في هذا المسار الاستبدادي بالفعل. لكنّه اتخذ في تركيا شكلاً تنافسياً - إذ هناك انتخابات في تركيا وأحياناً يفوز فيها خصومٌ لأردوغان، من أمثال إمام أوغلو - فيما يُطلق عليه الباحثون مصطلح "الاستبدادية التنافسية".
لكن مصطلح "الاستبدادية التنافسية" لا يوصّف الحالة التركية بشكل دقيق، بحسب الكاتب، الذي أشار إلى أن خصوم أردوغان عندما يفوزون، فإنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً بهذا الفوز؛ ذلك أن أردوغان استطاع على نحوٍ ما أن يستخدم أدوات السلطة لإبطال أثر نتائج الانتخابات التي لا توافق هواه، فأفرغ بذلك مصطلح "الاستبدادية التنافسية من مضمونه".
وننتقل إلى صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية،التي عنونت "لا يمكن لأوروبا أن تعيد أخطاءها في تركيا"، للباحثة غونول تول، مديرة مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط.
واستهلت الكاتبة مقالها بالقول إن ما تشهده تركيا من مظاهرات هي الأكبر من نوعها منذ عقود، لا يتعلق بمصير رئيس بلدية أو معارض بارز فحسب، بل بما هو أكبر من ذلك بكثير.
وتشير الكاتبة إلى اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية اسطنبول، والمنافس السياسي الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتُهم تتعلق بالفساد، وإقالته من منصبه، قبل أيام معدودة من إجراء حزب الشعب الجمهوري المعارض انتخابات تمهيدية رمزية كان أوغلو هو المرشح الوحيد فيها.
وتجد الكاتبة أن الحكومة التركية تجاوزتْ ذلك الحدّ الذي كان يميّز النظام "الاستبدادي التنافسي" في تركيا، عن الأسلوب الاستبدادي الروسي، في أعين طلاب الجامعات الذين هم في صدارة المشهد.
ولم يعُد هؤلاء الطلاب غاضبين على أردوغان فقط، وإنما امتدّ غضبهم إلى القادة الأوروبيين كذلك.
وبحسب الصحيفة فإن الشرطة تستخدم العنف المتزايد بينما تُشدد الحكومة رقابتها عبر الإنترنت ،وعلى الرغم من إغلاق السلطات للطرق وحظْرها للتظاهُر، إلا أنّ ما يقرب من 15 مليون شخص أدلوا بأصواتهم لصالح إمام أوغلو، متجاوزين بذلك إجمالي ما حصل عليه الحزب من أصوات في انتخابات 2023.
تقول الكاتبة إن في ذلك "إشارة واضحة إلى رفض الناس لقبضة أردوغان المُحكمة على السلطة".
لكن الطريق وعرة" بحسب غونول؛ إذ بقي على الانتخابات الرئاسية ثلاث سنوات، ما يجعل الحفاظ على هذا الزخم صعباً، لا سيما مع لجوء الشرطة إلى العنف المفرط.
وتخلص كاتبة المقال إلى أنه في حال لم يعد الهدوء بسرعة، فإن المشكلات الاقتصادية التركية مرشحة للتفاقم.
وترى غونول، أن أردوغان يستفيد من المناخ الدولي المتساهل على نحو غير معتاد. ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لا يخشى أردوغان أي انتقادات أمريكية؛ ذلك أن "ترامب مشغول للغاية بتقويض الديمقراطية في بلاده، على نحو لا يجد معه وقتاً لمحاسبة المستبدّين في الخارج"، بحسب الكاتبة.
"سياسات الشارع والمسؤولية السياسية العنوان نشرته صحيفة ديلي صباح التركية للكاتب نيبي ميش الذي استهل مقاله بالقول إن حزب الشعب الجمهوري يتبنّى استراتيجية "التعتيم حتى على أخطر الادّعاءات عبر تسييس الإجراءات القانونية، ووصفها بأنها مسيَّسة"، في إشارة إلى التحقيق مع رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
واتهم الكاتب حزب الشعب الجمهوري بمحاولة التأثير على الإجراءات القضائية، عبر خلق أجواء ضاغطة من خلال تبَنّي خطاب "الدعوات إلى النزول للشوارع"، وتبنّي تعبير"الانقلاب السياسي" وغير ذلك.
كما اتّهم صاحب المقال، المُعلّقين المؤيدين لحزب الشعب الجمهوري في وسائل الإعلام بالترويج لفكرة أن "هذه المخالفات تقع أيضاً في بلديات تابعة للحزب الحاكم، فلماذا لا تواجِه شخصيات الحزب الحاكم المتورطة المصيرَ نفسَه الذي يواجهه أكرم إمام أوغلو الآن"؟
وتساءل الكاتب "لمَ لا يقول هؤلاء المعلّقون إنّ أيّ شخص يتورّط في الفساد يجب أن يخضع للمساءلة"؟
ومضى نيبي ميش قائلاً إن: "افتراض أنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته هو مبدأ قانوني عالميّ، لكنْ يجب ألا ننسى كذلك أنّ هناك مبدءاً عالمياً آخر يقول إن الضغط على القضاء لا يمارسه فقط مَن هم في السلطة".
واختتم الكاتب بالقول إن "المعارضة تحمل القدرَ نفسه من المسؤولية الذي تحمله الحكومة من أجل أن تنعم الدولة بالسلام والاستقرار... وإن الطريق إلى السلطة مُعبَّدةٌ بالمسؤولية السياسية.