نبض سوريا - متابعة
لم يتوقّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ الإعلان عن زيارة الرئيس الانتقالي لسورية أحمد الشرع إلى واشنطن، عن الإشادة بما يسميه "قوة الشرع وصلابته" معتبراً أنه الرجل قادر على "توحيد سورية وإنقاذها"، إلا أنّ مشهد الزيارة عكس واقعاً مختلفاً تماماً، إذ ظهرت قيود بروتوكولية واضحة منعت التعامل معه كرئيس دولة من مدخل البيت الأبيض الذي استُقبل عبره إلى الكرسي الذي جلس عليه وصولاً إلى غياب العلم السوري عن مراسم الاستقبال، في إشارة إلى وجود اعتراضات أميركية داخلية على مشروع ترامب لتسويقه.
صحيفة البناء اللبنانية تساءلت عن دلائل ترامب على قوة الشرع والمواهب التي يمتلكها وجعلت ترامب يعتبرها مصادر يراهن عليها ؟
وأوضحت أنّ ترامب، في محاولته تبرير رهانه على الشرع، يستند إلى ما يصفه بصلابته السياسية، متجاهلاً سيرة الرجل التي تنقسم إلى ثلاث مراحل دامية:
المرحلة الأولى في العراق حيث عمل الشرع أبو محمد الجولاني معاوناً لزعيم تنظيم داعش الارهابي أبو بكر البغدادي، وتورّط في قرارات أدّت إلى مقتل المئات من العراقيين في تفجيرات انتحارية، بحسب وثائق وشهادات قضائية عراقية.
وقد أعلنت واشنطن حينها عن مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
المرحلة الثانية في سورية حيث انتقل الجولاني لاحقاً إليها متزعّماً جبهة النصرة، التي أُدرجت لاحقاً مع هيئة تحرير الشام على لوائح الإرهاب الأميركية والأممية والأوروبية والعربية. وتُحمّله تقارير أممية مسؤولية عن سلسلة من الانتهاكات والمجازر في ريفي إدلب وحلب خلال تلك المرحلة.
المرحلة الثالثة دخوله دمشق واعلانه نفسه رئيساً انتقالياً دون أي انتخابات أو تعهّد بإجرائها. ومنذ ذلك الحين، شهدت مناطق الساحل والسويداء حملات عسكرية وعمليات تصفية طائفية ومجازر واسعة قامت بها عناصره التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية ، بالتالي هل قتل الناس هو القوة والصلابة عند ترامب؟ وهل هذا هو دفتر الشروط لدخول الجنة الأمريكية؟.
وبينت صحيفة البناء أنّ "القوة والصلابة" التي يراها ترامب في الشرع لا تعبّر عن معايير القيادة، بل عن قدرة على التحوّل من الإرهاب إلى الشراكة مع واشنطن مقابل ضمان أمن إسرائيل وهو ما ينسجم وفق الصحيفة، مع المنطق الأميركي القائم على ازدواجية المعايير في تصنيف الإرهاب، حيث يصبح " العدو السابق" حليفاً بمجرد تغيّر موقعه السياسي.
وبذلك، تحوّلت زيارة الشرع إلى واشنطن من حدث بروتوكولي إلى اختبار سياسي لترامب نفسه، الذي يسعى لإقناع مؤسسات بلاده بأن رهانه على الشرع يشبه رهانه على بنيامين نتنياهو، رغم تراجع القبول الشعبي لمثل هذه السياسات، خصوصاً مع استمرار المحرقة في غزة.