نبض سوريا - خاص
لم يعد الاعتداء على المتظاهرين السلميين في الساحل السوري مجرّد حادثة عنف، بل تحوّل إلى مشهد فاضح لانهيار المعايير، حيث يُكافأ المعتدي، ويُهان الضحايا، ويُقدَّم القتل بوصفه فعلًا يستحق التقدير.
ففي تطور صادم، جرى تداول معلومات عن عرض السيارة التي استُخدمت في دهس متظاهرين سلميين عند دوّار الأزهري للبيع بمبلغ يقارب 20 ألف دولار، وكأنها تذكار، في وقت لم تُطرح فيه أي مساءلة علنية عمّا جرى. الأخطر من ذلك، ما تم تداوله عن قيام شخص من مدينة إدلب بعرض إهداء السائق سيارة جديدة مكافأةً له على ما ارتكبه بحق مدنيين خرجوا بشكل سلمي للمطالبة بحقوقهم ووقف العنف.
هذا السلوك لم يأتِ معزولًا، بل تزامن مع موجة احتفاء واضحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت منشورات تشيد بعملية الدهس وتبرّرها، مع تسابق مؤيدين للسلطة على تقديم أشكال مختلفة من “التكريم”، في مشهد يعكس استخفافا صريحا بالحق في الحياة، وتطبيعًا علنيًا مع العنف ضد المدنيين.
وفي موازاة ذلك، ظهر أحد المشاركين في الاعتداء عبر إعلامي تابع للسلطة متحدثا عن رفعه علم التوحيد بنية طيبة منكرا ما كان بيده من سلاح حاول به التهجم على المتظاهرين في محاولة لتجريد الجريمة من معناها الحقيقي، وتغليف اعتداء موثّق على متظاهرين سلميين بخطاب ديني.
وتترافق هذه الوقائع مع تصاعد خطير في خطاب التحريض، تقوده حسابات وشخصيات مؤيدة للسلطة، موجّه بشكل مباشر ضد المكوّن العلوي وحده، على خلفية خروجه في احتجاجات طالبت بوقف القتل والعنف المستمر منذ الثامن من كانون الأول/ديسمبر. وقد جرى تصوير هذه المطالب على أنها تهديد أو موقف عدائي، بدل التعامل معها كنداء حماية من مواطنين مدنيين يتعرضون لانتهاكات متواصلة.
إن تحويل أداة الجريمة إلى مادة للمتاجرة، وتقديم مكافآت للمعتدي بدل محاسبته، لا يمكن فصله عن مناخ الإفلات من العقاب، ولا عن الرسائل السياسية التي يُراد تمريرها عبر العنف فحين يُكافأ الدهس، ويُبرَّر القتل، ويُحرَّض على مكوّن كامل بسبب مطالبته بالحياة، يصبح الخطر جماعيًا، ويتحوّل السلم الأهلي إلى أول الضحايا.