نبض سوريا - متابعة
كشف الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبدالله علي عن تحولات جوهرية تشهدها بنية العلاقة بين السلطة الانتقالية في دمشق والفصائل الجهادية السابقة، وذلك في إطار مسار "التعاون السياسي" الذي أعلنت عنه سوريا ضمن الحرب الدولية على تنظيم "داعش"، ولا سيما بعد زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة.
وأوضح الباحث أن "هذا المسار لا يقتصر على إعادة تعريف العداء التاريخي مع الغرب، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة هندسة الغطاءين الفقهي والقانوني بما يخفف من احتمالات الصدام الداخلي، خاصة مع بدء تطبيق الالتزامات الدولية المستجدة".
فتاوى تغيّر قواعد الصراع
وبيّن علي أن "الفتاوى الشرعية لعبت دوراً محورياً في هذا التحول. إذ أعاد عبد الله المحيسني تصنيف التفاهمات الجديدة ضمن «فقه المآلات» لتقليل الأضرار وتعزيز سلطة الدولة، بينما وضع وزير العدل مظهر الويسي الإطار القانوني لذلك بالقول إن "ما يُباح للدولة لا يُباح للأفراد"، ما جعل الفتوى أداة تهدئة داخل بيئات اعتادت خطاب العداء للغرب".
تحديات القرار الدولي 2799
ووفقًا للباحث، فإن التعقيد الأكبر يتمثل في تنفيذ القرار الدولي رقم 2799 الذي لا ينحصر بمحاربة «داعش»، بل يشمل كيانات مدرجة على لائحة القرار 1267، مثل الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (TIP/ETIM)، كتيبة الإمام البخاري، كتيبة التوحيد والجهاد، أنصار الإسلام، وجند الأقصى.
ويشير علي إلى أن "جزءا من عناصر هذه الكيانات أصبح ضمن تشكيلات الجيش السوري الجديد، وتحديدًا تحت هيكل "الفرقة 82" التي تضم غالبية المقاتلين الأجانب، وهو ما يجعل تطبيق القرار الدولي محفوفًا بالتوتر بين متطلبات الخارج وتركيبة الداخل".
اشتباك القوائم داخل الجيش
ويلفت الباحث إلى أن "الصدام المحتمل بين «قوائم الأمم المتحدة» و«الفرقة 82» لن يكون نظريا، لأن شخصيات بارزة—مثل المحيسني وسامي العريدي ومسلم الشيشاني—ما تزال على لوائح العقوبات الأميركية والأممية، ما يضع المؤسسة العسكرية أمام اختبار ولاء صعب قد ينعكس على بنيتها وعلى الانضباط العملياتي داخلها".
احتمالات النجاح أو الانفجار
ويرى عبدالله علي أن السلطة الانتقالية أمام لحظة اختبار حاسمة: فإما أن تنجح في تحويل "التعاون السياسي" إلى منظومة واضحة تشمل ضبطا استخباريا ورقابة قضائية ومعايير ولاء جديدة، وإما أن تنفتح الساحة على سيناريوهات انشقاقات أو تشكل مجموعات جديدة شمالًا تحت عناوين "حماية المهاجرين" أو "الدفاع عن الدين".
ويختتم الباحث بالتحذير من أن الدرس المستخلص من العام 2014 لا يزال حاضراً: فعندما تتصادم اللغة مع الواقع، ينتصر الميدان. واليوم، تخوض سوريا هذا الاختبار داخل مؤسسة عسكرية تحاول التوفيق بين المدرج أممياً والمنضبط وطنياً في سطر واحد.