تدمر في ميزان السلطة: قراءة في حدود الرهان الدولي على الشرع

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -متابعة

كشف الباحث والمفكر السياسي يحيى العريضي أن ما جرى في مدينة تدمر يعيد تأكيد إشكالية جوهرية في المقاربة الدولية تجاه سلطة أحمد الجولاني، معتبراً أن "مطالبة الدول له بمحاربة التطرف لا تصطدم بنقص الإرادة أو الأدوات، بل بطبيعة البنية التي قامت عليها هذه السلطة نفسها".


وأوضح العريضي في مقال نشره على صفحته تابعته وكالة "نبض سوريا"، أن "التطرف، وفق قراءته، ليس ظاهرة طارئة يمكن احتواؤها أو استئصالها، ولا مكوّناً هامشياً منفصلاً عن مركز القرار، بل يشكّل أحد أعمدة السلطة القائمة"، لافتاً إلى أن "استمرار بعض الشخصيات السياسية الأمريكية في دعم الجولاني سياسياً يفتح المجال أمام تمدد أخطر الأيديولوجيات".


وأشار إلى أن "الدعوات الدولية للتمييز بين ما يُسمّى “معتدلين” و“متطرفين” تتجاهل حقيقة أساسية، تتمثل في أن البنية التنظيمية والخزان البشري ومنطق الطاعة الذي تشكّلت ضمنه جبهة النصرة هو ذاته الذي أنتج تنظيم داعش، ويتم اليوم إعادة تدويره تحت مسميات مختلفة، مع اختلاف في الوظيفة السياسية واللحظة الدولية لا في الجوهر".


وتساءل العريضي عن المعايير التي تعتمدها الدول في التمييز بين من تصفهم بـ"الإرهابيين السابقين" الذين جرى دمجهم في الجيش والأمن العام، وبين من لا يزالون خارج هذه المؤسسات، مستغرباً ما اعتبره تجاهلاً لرايات وشعارات مرتبطة بتنظيم داعش ظهرت على مقاتلين شاركوا في أعمال عنف جماعي بحق مكونات سورية.


وأضاف أن "عاماً كاملاً مرّ شهد، بحسب وصفه، انتقال عناصر قاتلت إلى جانب جبهة النصرة للتموضع داخل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، مع ترسّخ عقيدة التطرف داخل هذه المؤسسات"، معتبراً أن "ما حدث هو “إعادة تموضع” وانتقال من العمل السري إلى السلطة السياسية".


وفي سياق متصل، رأى العريضي أن "اعتبار سلطة الجولاني نقيضاً لتنظيم داعش يتجاهل وحدة أيديولوجية وعقائدية، تقوم على مفاهيم واحدة رغم اختلاف القيادات، معرباً عن استغرابه مما وصفه بمفارقة تقديم التعازي لذوي جنود أمريكيين من قبل من درّب عناصره سابقاً على القتل، ومنحه فرصة سياسية جديدة".


وختم العريضي بالتأكيد أن "الرهان الدولي الحالي يقوم على “ترويض الخطر” وضبط الفوضى لا على إزالة أسبابها"، محذراً من أن "سلطة مبنية على تنظيم ذي عقيدة متطرفة لا يمكن أن تنتج دولة مستقرة، وأن تأجيل مواجهة الحقيقة لا يعني سوى تأجيل الانفجار، معتبراً أن مطالبة “إرهابي بمحاربة نفسه” ستبقى، وفق تعبيره، خطاباً يطيل معاناة السوريين ويبدد آمالهم بدولة آمنة ومستقرة".