نبض سوريا -متابعة
تشهد أغلب المحافظات السورية موجة واسعة من الإصابات بأمراض تنفسية حادة، تتميز بسرعة عدوى لافتة وأعراض جسدية مجهدة، وسط تحذيرات طبية عاجلة من خطر استخدام الصادات الحيوية دون استشارة طبية.
وبحسب الدكتور محمد نور شباب، من الرئاسة المشتركة لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا، فإن الموجة الحالية هي "هجمة إنفلونزا من سلالة H3N2" وليست من سلالات فيروس كورونا. وأوضح أن السمة الأبرز للفيروس هي سرعة انتشاره الكبيرة، مؤكداً في الوقت ذاته أن نسبة الوفيات تبقى "نادرة جداً وأقل من المقاييس العالمية".
وأشار شباب إلى أن الفيروس منتشر في أغلب المحافظات السورية بحكم حركة السفر والعمل، لافتاً إلى أن "قرار الحجر العام" لا يوجد إجماع عليه حالياً في مقاطعات الإدارة الذاتية، لكنه حق لكل مقاطعة بناءً على تقييم مصلحتها.
ورداً على التقارير التي تتحدث عن حالات وفاة، لا سيما وفاة طفل في قرية "الحوايج" بريف دير الزور الشرقي، اعتبر المسؤول الصحي أن تسجيل وفاة طفلين أو ثلاثة ضمن الجغرافية الكاملة لمنطقة سيطرة الإدارة الذاتية، وسط الأعداد الكبيرة للمصابين، لا يعد أمراً خارجاً عن المألوف.
ورجح أن تكون الإصابة بالإنفلونزا قد فاقمت حالات مرضية "مخفية" أو ضعفاً في المناعة لدى هؤلاء الأطفال.
وفيما يخص العلاج، حذر الدكتور شباب بشكل قاطع من استخدام الصادات الحيوية إلا في حالات الإنتان الجرثومي الثانوي، مشيراً إلى أن استخدام "المضادات الفيروسية" النوعية يبقى محصوراً في الحالات النادرة جداً داخل المشافي وتحت الإشراف الطبي الاختصاصي.
هذا المشهد المحلي يتقاطع مع تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية صادر في العاشر من كانون الأول 2025، والذي رصد زيادة عالمية في نشاط الإنفلونزا مع غلبة واضحة لفيروس H3N2.
وأشارت المنظمة إلى رصد زيادة سريعة منذ آب 2025 لسلالة فرعية جديدة من هذا النمط في أكثر من 34 دولة، تتميز بتغيرات جينية وتطور ملحوظ.
من جهة أخرى، يرى الدكتور نبوغ العوا، الاختصاصي في أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، أن الفيروس المنتشر حالياً في سوريا هو "متحور مشتق عن الكورونا"، مؤكداً وجوده في الكثير من دول العالم.
وأوضح الدكتور العوا أن الإصابات تتخذ شكلين سريريين: الأول يسبب أعراضاً تنفسية علوية تشمل سعالاً شديداً، وآلاماً في البلعوم واللوزتين، والتهاب الجيوب الأنفية والحنجرة مع بحة صوت متصاعدة، بينما يظهر النوع الثاني بأعراض هضمية تشمل ألم ومغص البطن، والغثيان، والإقياء، والإسهال.
وأكد أن الفارق الجوهري بين هذه الموجة والإنفلونزا الموسمية العادية يكمن في شدة الأعراض، محذراً من خطورة إهمال العلاج أو التأخر فيه، لأن ذلك قد يؤدي لامتداد الفيروس إلى الرئة مسبباً التهاب رئة ونقصاً حاداً في الأكسجة، وهي حالات تتطلب في غالب الأحيان وضع المريض على أجهزة التنفس الاصطناعي.
وشدد الاختصاصي على ضرورة الإسراع بمراجعة الطبيب المختص ذي الخبرة في متابعة مثل هذه الحالات، مع الالتزام التام بالعلاج الموصوف كما نصح بالعودة إلى إجراءات الوقاية الشخصية، مثل الابتعاد عن المصابين، والعناية بنظافة اليدين، وارتداء الكمامة في الأماكن العامة المزدحمة، وتجنب المصافحة والتقبيل للحد من انتشار العدوى التي تنتقل عبر الرذاذ.