نبض سوريا - متابعة
تشهد مناطق شمال شرقي سوريا أزمة إنسانية متصاعدة بعد توقف سد تشرين الواقع على نهر الفرات عن العمل بشكل كامل، بسبب الهجمات العسكرية التركية والفصائل الموالية لها، ما يُهدد حياة قرابة مليون مدني بفقدانهم المياه والكهرباء، ويُنذر بكارثة بيئية في حال انهيار السد.
أفاد عماد عبيد، المسؤول عن السدود في الإدارة الذاتية بشمال سوريا، بأن الهجمات المتكررة بالقذائف والطائرات المسيّرة التركية على محيط سد تشرين وجسمه تسببت في أضرار بالغة، جعلت السد ومحطة توليد الكهرباء التابعة له "خارج الخدمة تماماً"، ما أدى إلى انقطاع مياه الشرب والري عن مناطق منبج وكوباني والجرنية والقرى المحيطة، التي يعتمد سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة على موارد السد.
وأوضح عبيد أن الهجمات تسببت في غمر مضخات التجفيف ومجموعات التوليد بالمياه، مع تدمير ساحتي التحويل والتوزيع، مشيراً إلى أن الفرق الفنية عاجزة عن إصلاح الأضرار بسبب استمرار الاشتباكات.
حذّر المسؤول السوري من أن استمرار الضربات العسكرية وارتفاع منسوب المياه في بحيرة السد (1.9 مليار متر مكعب) قد يؤدي إلى انهيار الجسم الترابي للسد، ما يُنذر بفيضان هادر تصل سرعته إلى 7 آلاف متر مكعب/الثانية، قد يغمر مناطق سورية واسعة وصولاً إلى الأراضي العراقية، ويُهدد سدي الفرات والحرية بالانهيار أيضاً.
بدوره، أكد زياد رستم، الرئيس المشارك لهيئة الطاقة في الإدارة الذاتية، أن تصدعات في جدار السد قد تتفاقم بسبب القصف، ما يعرض المناطق المحيطة لخطر الغرق، خاصة مع وجود 2 مليار متر مكعب من المياه خلف السد.
في سياق متصل، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تركيا والفصائل الموالية لها بارتكاب "جرائم حرب محتملة"، عبر استهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك الهجوم على سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الكردي في يناير الماضي. وأشارت المنظمة إلى أن القانون الدولي يُجرم استهداف السدود بسبب عواقبها الكارثية على المدنيين.
من جهتها، وصفت الباحثة هبة زيادين استهدافات الجيش التركي والفصائل الموالية له بأنها "انتهاكات متكررة للقانون الإنساني"، داعية أنقرة إلى تحمّل مسؤوليتها كداعم رئيسي لهذه الفصائل.
تعود المواجهات حول سد تشرين إلى ديسمبر 2023، عندما شنت الفصائل المدعومة تركياً هجمات للسيطرة على السد ضمن عمليات عسكرية موسعة، ما أدى إلى تدمير بنيته التحتية وتوقف كامل عن الخدمة في 10 ديسمبر 2023، وفقاً لتقارير محلية ودولية.
يُذكر أن سد تشرين يُعد مصدراً حيوياً لتوليد الكهرباء (1.6 مليار كيلوواط/ساعة سنوياً) وتأمين مياه الشرب والري، مما يجعله هدفاً استراتيجياً في الصراع السوري المستمر.