بالفيديو : السباق الدولي لأعادة الإعمار في سوريا
إغراءات إعادة إعمار سوريا: هل تحقق تركيا مكاسبها المنشودة؟

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  خاص

مع التحولات الجذرية التي شهدتها سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، تتسابق القوى الإقليمية والدولية لاقتناص الفرص الاقتصادية والسياسية التي أتاحتها المرحلة الجديدة. وفي مقدمة هذه القوى، تبرز تركيا، التي تسعى جاهدة لتأمين موطئ قدم قوي في جهود إعادة الإعمار، وهي خطوة يُتوقع أن تدرّ على أنقرة عائدات مالية هائلة وتعزز نفوذها الجيوسياسي.


تحركات تركية مكثفة

تشير مصادر مطلعة في أنقرة وإسطنبول إلى أن السلطات التركية تعقد اجتماعات دورية مكثفة لبحث كيفية تنسيق جهودها للمشاركة في إعادة بناء سوريا. ويبدو أن الجانب التركي يضع نصب عينيه الفرص الهائلة المتاحة في قطاعات البنية التحتية، بما في ذلك بناء المدن الجديدة، وإصلاح المستشفيات والمدارس، وترميم شبكة الكهرباء والمطارات، وفقاً لمحللين ومقربين من الحكومة التركية.


وقد لفتت التقارير إلى أن تركيا بدأت بالفعل في تعزيز وجودها عبر الحدود، حيث تعبر مئات الشاحنات التركية يومياً محملة بالمواد الغذائية، الأدوية، ومواد البناء إلى الأراضي السورية. كما شهدت شركات الأسمنت والصلب التركية ارتفاعاً ملحوظاً في أسهمها، بالتزامن مع استئناف الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً.


"حصة الأسد" وأهداف طويلة المدى

يرى خبراء في الشأن السوري أن تركيا تأمل في الحصول على نصيب الأسد من عقود إعادة الإعمار، استناداً إلى سنوات من الدعم الذي قدمته لفصائل المعارضة السورية. ويشير أويتون أورهان، الباحث بمركز دراسات الشرق الأوسط في أنقرة، إلى أن سيطرة المعارضة على دمشق تُعدّ فرصة ذهبية لأنقرة لاستثمار جهودها السابقة في دعم المعارضة.


كما يؤكد مراد يسيلتاش، الباحث في مركز "سيتا" المقرب من الحكومة التركية، أن لدى تركيا القدرة على إعادة تأهيل البنية التحتية السورية، بما يشمل شبكات الاتصالات والكهرباء، إلى جانب إصلاح المطارات وحقول الغاز والنفط.

عقبات وتوازنات دولية

رغم هذه الطموحات، تواجه تركيا تحديات دبلوماسية وعسكرية، أبرزها موقف الولايات المتحدة الداعم لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة تهديداً لأمنها القومي. وقد طالبت تركيا مراراً واشنطن بحل هذه القوات، وهو طلب قوبل حتى الآن برفض أميركي.


ومع ذلك، يبدو أن المناخ السياسي في واشنطن قد بدأ يشهد تغييرات. فقد أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واصفاً إياه بـ"الصديق"، ومؤكداً أن تركيا تمتلك الإمكانات اللازمة لتكون لاعباً رئيسياً في صياغة مستقبل سوريا. ويأمل أردوغان إقناع ترامب بأن تركيا، كدولة تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، قادرة على منع عودة تنظيم داعش والسيطرة على حقول النفط السورية لدعم جهود إعادة الإعمار.

نظرة مستقبلية حذرة

يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع تركيا تحقيق طموحاتها وسط التحديات الإقليمية والدولية، ومع التنافس الشديد على عقود إعادة الإعمار؟ يبدو أن المشهد السوري الجديد يفتح الباب أمام تركيا لتحسين موقعها الاستراتيجي، ولكن التحديات الجيوسياسية قد تجعل الطريق إلى تحقيق هذه الأهداف محفوفاً بالعقبات.