بالفيديو ماذا تريد تركيا من سوريا ؟
بين المصالحة والمصالح: استعادة أمن أم فرض هيمنة؟

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  خاص 

‎‎تواجه الجهود المبذولة للمصالحة بين تركيا وسوريا عقبات معقدة ترتبط بتاريخ طويل من الشكوك وانعدام الثقة بين الطرفين. منذ اندلاع الحرب السورية قبل أكثر من عقد، انقلبت العلاقة بين الجارين إلى صراع مفتوح، مع دعم أنقرة للمعارضة السورية واستضافة ملايين اللاجئين السوريين. اليوم، يبدو أن المصالح الإقليمية والدولية المتشابكة تدفع نحو إعادة ترتيب المشهد، لكن التحديات تظل هائلة.

‎الأزمة السورية: بين اللاجئين والإرهاب
تركيا، التي تحتضن بين ثلاثة إلى أربعة ملايين لاجئ سوري، تعاني من تبعات اقتصادية وسياسية شديدة، مع تصاعد الغضب الشعبي من وجود اللاجئين وتأثيره على الانتخابات. في المقابل، ترى دمشق أن هذه القضية شأن تركي داخلي، فيما يرفض اللاجئون العودة إلى مناطق غير آمنة أو مدمرة، وسط مخاوف من الانتقام أو فقدان حقوقهم.

‎وفيما يتعلق بالإرهاب، تتباين مفاهيم الطرفين بشكل كبير. تركيا تركز على استهداف "حزب العمال الكردستاني" وقوات سوريا الديمقراطية، معتبرة أنها تمثل تهديدًا لأمنها القومي. بينما تدمج دمشق هذا الملف ضمن سياق أوسع يشمل كافة الجماعات المعارضة. هذا التناقض يعكس خلافًا جوهريًا يصعب تجاوزه، خاصة مع استمرار الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، والذي تعتبره دمشق احتلالًا.

‎التدخلات الإقليمية والدولية: لعبة معقدة
يتزامن هذا المسار مع تحولات جيوسياسية كبرى تشمل الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، وتأثيرات الحرب في غزة. تلعب روسيا دور الوسيط الأبرز، حيث تضغط على الطرفين للتوصل إلى تسوية تُعزز نفوذها في المنطقة. موسكو تستفيد من تقارب دمشق وأنقرة كخطوة تدعم استراتيجياتها الإقليمية، لكنها تواجه تحديات من قوى أخرى، مثل إيران، التي تتمسك بعلاقتها الوثيقة مع النظام السوري.

‎في الوقت نفسه، تشكل المصالحات العربية مع دمشق، التي أُقرت خلال القمة العربية في مايو 2023، ضغطًا إضافيًا على الطرفين لإعادة تقييم علاقاتهما. هذه المصالحات، المدعومة سعوديًا وإماراتيًا، تهدف إلى تقليل اعتماد دمشق على طهران، وهو أمر قد يكون محفزًا لأنقرة للمضي قدمًا في تحسين العلاقات.

‎عقبات في الطريق
رغم التصريحات التركية عن الرغبة في لقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين، إلا أن التقدم الفعلي يواجه ثلاث قضايا شائكة:

1. عودة اللاجئين السوريين: مطلب تركي أساسي، لكنه يفتقر إلى خطط عملية ومقبولة للطرفين.

2. تعريف الإرهاب: خلاف جوهري يعكس اختلاف الأولويات الأمنية لكل جانب.

3. الوجود العسكري التركي: ترفضه دمشق كليًا، بينما ترى أنقرة أن انسحابها قد يعرض أمنها للخطر.

‎إلى أين تتجه المصالحة؟
في ظل هذه التعقيدات، يبدو أن المصالحة بين أنقرة ودمشق تتطلب وقتًا طويلًا وجهودًا متواصلة. مصالح القوى الكبرى تضفي أبعادًا إضافية على هذا الملف، حيث تحاول كل من روسيا والولايات المتحدة وإيران التأثير على مساره بما يخدم أجنداتها الخاصة.

‎ورغم التقاطعات المحتملة بين الجانبين، خاصة في قضايا مثل منع الكيان الكردي المستقل، فإن الفجوات العميقة في القضايا الأخرى تجعل من أي اتفاق مستدام أمرًا بالغ الصعوبة. يبقى السؤال مطروحًا: هل تشكل هذه المحاولات بداية حقيقية لتطبيع العلاقات، أم أنها مجرد استجابة ظرفية لضغوط سياسية واقتصادية داخلية وخارجية؟