الإبادة الجماعية في الساحل السوري: الهروب من الموت إلى الفناء

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة


لا ينكر عاقل يمتلك ذرة من إنسانية ما حدث على الساحل السوري من فظائع تجسد إبادةً جماعيةً طالت العلويين بشكل أساسي، بأدلةٍ لا تقبل الشك سجلها الجناة أنفسهم عبر مقاطع فيديو انتشرت في وسائل الإعلام العالمية.  


اضطر أهالي المناطق المدمرة، بعد أن فقدوا كل معاني الأمان، إلى اللجوء للجبال والغابات، مُفضلين مواجهة وحوش الطبيعة على مواجهة وحوش بشرية تجردت من الرحمة والإنسانية. لكن هؤلاء المُجرمين، في غطرستهم، لم يكتفوا بملاحقة البشر، بل تباهوا بتدمير الغابات عبر مقاطعَ نشروها كأنها ملكية خاصة للساحل، غافلين عن حقيقة أنها رئة البلاد التي يتنفس منها الجميع، فكانت جريمتهم شاملةً: إفناء الإنسان والأشجار والحجر.  


حتى البحر، الذي فر إليه السكان طلباً للأمان كحق للجار على جاره، تحول إلى خائن. ركبوا قواربهم مُسلّمين مصيرهم لأمواجٍ عاتية، لكن الأمواج خانَتهم كما خانتهم الأرض، فتحولت أجسادهم المرتعشة إلى جثثٍ طافية، تصل إلى الشاطئ شاهدةً على مأساة الهروب من الموت إلى الموت نفسه.  


لم يجدوا ملاذاً في الجبال ولا في البحر، ولا حتى في بيوتهم التي التهمتها النيران. لاحقهم القتل في كل اتجاه، حتى ظلالهم لم تسلم من البطش، فصار الموت خلاصا للناجين، والناجون أمواتا يحملون جراحا لا تندمل.