نبض سوريا - متابعة
في مشهدٍ أثار ضجةً واسعة، وصلت قوات الشرطة فجراً إلى مقر إقامة رئيس بلدية إسطنبول، إكرم إمام أوغلو، لاعتقاله. لكنه، بهدوء وثقة، ظهر في تسجيل مصوّر وهو يرتدي قميصًا أبيض ناصعًا وربطة عنق، قائلاً لمؤيديه: "مجموعة صغيرة تحاول اغتصاب إرادة الشعب، لكنني سأبقى صامدًا."
بعد أيام، وُجّهت إليه تهم بالفساد، وتمّ نقله إلى سجن مشدّد الحراسة في أطراف المدينة التي يديرها منذ 2019. ورغم ذلك، قرّر حزب الشعب الجمهوري (CHP) ترشيحه للرئاسة بعد تصويت داخلي شارك فيه 15 مليون شخص، غالبيتهم من خارج الحزب.
احتجاجات واسعة ودعم شعبي في معاقل أردوغان
منذ اعتقاله، خرج عشرات الآلاف في مظاهرات ليلية أمام بلدية إسطنبول، قبل أن تمتد الاحتجاجات إلى مناطق أخرى، بما في ذلك مسقط رأسه طرابزون، المعقل التقليدي لأردوغان. حمل المتظاهرون أقنعةً تحمل وجه إمام أوغلو، فيما وصفه سياسيون بأنه "ابن طرابزون" و"أخٌ لنا جميعًا".
رجل الأعمال السابق البالغ 54 عامًا بات اليوم الخصم الأبرز لأردوغان، ليس فقط بسبب شخصيته الكاريزمية، ولكن أيضًا لأنّ قاعدته الشعبية امتدت حتى داخل الدوائر التي اعتُبرت تاريخيًا موالية للرئيس التركي.
*إعادة إنتاج سيناريو أردوغان؟*
اللافت أن قصة إمام أوغلو تعيد إلى الأذهان مسيرة أردوغان نفسه: رئيس بلدية إسطنبول في التسعينيات، سُجن بسبب إلقائه قصيدة سياسية، ثم عاد إلى الساحة بقوة ليصبح رئيسًا للوزراء وبعدها رئيسًا للجمهورية.
لكن الفرق اليوم، كما يرى بعض المحللين، هو أن أردوغان أصبح الدولة، في حين أن إمام أوغلو يُنظر إليه كـ"أردوغان الجديد". فهل سيرتدّ هذا الاعتقال على الرئيس التركي، كما حدث مع المعارضة في الماضي؟
تحديات متواصلة أمام إمام أوغلو
منذ توليه رئاسة بلدية إسطنبول، واجه إمام أوغلو عراقيل متكررة من الحكومة، بدءًا من إلغاء فوزه الأول في انتخابات 2019، إلى منعه من تنفيذ مشاريع بنية تحتية، وصولًا إلى إصدار أحكام بالسجن ومنعه سياسيًا.
ومع ذلك، فإن اعتقاله قد يُعزز من صورته كـضحية حملة سياسية، مما قد يجذب إليه مزيدًا من المؤيدين، حتى من داخل صفوف أنصار الحكومة.
بينما لم يتضح بعد كيف سيقود إمام أوغلو حملته الرئاسية من داخل السجن، إلا أن انتخابات 2028 قد تكون نقطة تحوّل، لا سيما مع تصاعد التوقعات بإجراء انتخابات مبكرة.
ومن خلف القضبان، وجّه إمام أوغلو رسالةً حاسمة لمؤيديه وخصومه:
"هذه اللحظة الاستثنائية أرعبت مجموعة صغيرة من الأشخاص ذوي النوايا السيئة... وهم محقّون في ذلك."