نبض سوريا - خاص
في خطوة تعكس استمرار النهج الإقصائي، تشكلت الحكومة السورية الجديدة وسط انتقادات واسعة لتهميشها الأكراد والعلويين والنساء والمكونات الأخرى، متجاهلةً التحذيرات الأميركية والأوروبية التي طالبت بضرورة إشراك جميع الفئات في حكومة شاملة.
ولم تُظهر التركيبة الجديدة أي انزياح عن النمط القديم في إدارة المعادلة السياسية، بل عززت من سيطرة "هيئة تحريرالشام" على الوزارات السيادية، بينما اقتصر تمثيل المكونات الأخرى على مناصب شكلية أو رمزية.
جاءت الحكومة خاليةً من أي تمثيل حقيقي للأكراد، إذ مُنحوا منصباً شرفياً لشخصية لا تنتمي إلى قسد أو مسد أو حتى إلى المجتمع الكردي، في حين حصر التمثيل العلوي في وزير من بقايا حكومة الأسد السابقة، ووُزعت وزارة واحدة فقط بين المسيحيين ونساء سوريا، في خطوة وُصفت بالساخرة. أما التمثيل الدرزي، فاقتصر على وزير موالٍ للجولاني، لكنه معارض للشيخ الهجري، مما يؤكد سياسة الاستبعاد الممنهج.
الأمر الأكثر إثارة للجدل هو تشكيل حكومة بدون رئيس، في سابقة تاريخية، ما يعني تركيز الصلاحيات بيد الجولاني الذي يجمع بين رئاسة الدولة والحكومة، إلى جانب سيطرته على تعيين البرلمان وزعماء النقابات والجيش، في مشهد يُعيد إنتاج نظام الحكم المركزي المُطلق.
تحذيرات دولية كانت قد نبهت إلى مخاطر استمرار سياسة الإقصاء، معتبرةً أن المناطق الكردية والعلوية والدروزية قد تخضع لنظام إداري منفصل مستقبلاً، وهو ما يفسر عدم إشراكها في "الدولة السنية" حسب الرؤية الحاكمة. إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الفرصة الأخيرة لتجنب السيناريو الأسوأ قد ضاعت، وسط مخاوف من أن يؤدي التعنت في النهج الحالي إلى تفاقم الأزمات وانزلاق البلاد نحو مرحلة أكثر تعقيداً.
في خضم هذا المشهد، يطالب نشطاء ومعارضون السوريين بكافة انتماءاتهم بتحمل المسؤولية الوطنية ورفض هذه الحكومة، مؤكدين أن الصمت عليها يعني المشاركة في ترسيخ نظام يقود البلاد إلى الهاوية.