عمّان.. حيث سقطت الأقنعة

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - عمر حمد   


في عتمة فندقٍ محصّن في العاصمة الأردنية، عُقد اجتماع عمّان، تحت لافتة "الإنقاذ"، بينما كان باطنه اتفاق إذعان وبيع صريح للسويداء.


حاول الأمريكيون، كعادتهم، خياطة خريطة مهترئة بنظام منهار وشركاء متصدعين. وكان توماس باراك هو الوجه الأوضح في هذا المشهد الغارق بالرمادية. قالها بوقاحة لمسؤولي النظام:


 "لنوقف النزيف في الجنوب، دعونا ندخل قوات قسد كقوات فصل في السويداء."


لكن خطة "الفصل" لم تكن سوى محاولة لفصل الحقيقة عن الذاكرة، ودفن ما تبقّى من كرامة الدولة.


 مظلوم عبدي... وشروط الهاجس المشروع


باراك توجّه بعدها مباشرةً إلى مظلوم عبدي، قائد "قسد"، حاملاً عرضاً من ذهب:


 "تعال إلى السويداء، أنقذ دمشق، وسنعطيك ما تطلب."


لكن عبدي، بخبرته الطويلة في سوق المناورات، رفض العرض قائلاً بوضوح:


 "نكث أحمد الشرع اتفاقنا السابق. إن أراد شراكتي، فليعلن استقلالي الذاتي كما فعل مع الهجري، وقتها أوقّع وأدخل."


بهذا الشرط، وضع عبدي النظام بين كماشة الفصائل الكردية ومخالب الأزمة الطائفية.


الإنذار الإسرائيلي: 48 ساعة لا أكثر


دخلت إسرائيل المشهد بلا أقنعة، برسالة واضحة وصارمة:


 "أمامكم 48 ساعة فقط... أخرجوا العشائر من السويداء، وإلا سنتدخل بطريقتنا."


ردّ الشيباني، أحد أبرز رجال الجولاني 


 "الأمن غير قادر على سحب العشائر وحده، نحتاج لإدخال الجيش."


لتأتي الإجابة الإسرائيلية حاسمة:


 "لا مانع. لكن بعد طرد العشائر، عليكم سحب الأمن أيضاً من المدينة خلال 48 ساعة."

اتفاقٌ فرض أمراً واقعاً جديداً، لا دور فيه للدولة، ولا مكان فيه لسيادتها.


 خلاصة اجتماع عمّان: "الإنقاذ" مقابل الصمت

النتائج كانت صادمة لكل من يحلم بوطن موحّد:

خروج فوري للعشائر

انتشار أمني مؤقت على أطراف المدينة

بقاء السويداء تحت سلطة الشيخ الهجري

استعادة الخدمات: ماء وكهرباء

وقف القصف عن دمشق

عودة وزراء الشرع إلى العمل 

ما عدا ذلك، ليس سوى خداع رسمي وإعلام مضلِّل.


 وجع لا يُفاوض عليه

في عمّان، عُقدت الصفقات، لكن في السويداء سُفكت الدماء.

سقط شهداء من أهل الجبل، لا لذنبٍ سوى تمسّكهم بالأرض والكرامة.

نحن لا نأسف على ماضٍ سياسي، بل نحزن على وطن يُختصر بخريطة مصالح، وعلى رجال سقطوا دفاعاً عن بيتٍ لم يعد له سقف.

السويداء ليست بنداً تفاوضياً... بل جرحٌ في قلب سوريا لا يلتئم بالإنكار، بل بالعدل والوفاء لدم الشهداء.