نبض سوريا - خاص
أصبحت قرية المختارية الواقعة بريف الحفة في محافظة اللاذقية السورية رمزاً للدمار الشامل، بعد أن حولتها فصائل "الشرع" إلى أرض محروقة تئن تحت وطأة الخراب والتهجير القسري.
فبعد قرابة شهر من المجزرة الدامية التي راح ضحيتها العشرات من شباب القرية في السابع من آذار الماضي، تعود الأسر النازحة اليوم لمواجهة واقع مرير، بيوت لم يبق منها سوى هياكل متفحمة، وأراض زراعية جردها البدو من محاصيلها وحولوها إلى مراع لمواشيهم.
حاولت نساء القرية، اللواتي خرجن بحثاً عن ملاذٍ آمن خلال الهجوم، العودة مؤخراً لالتقاط شظايا الذكريات، لكنهن وجدن أن النيران التهمت أكثر من خمسين منزلاً، تاركةً إياهم أمام فراغٍ لا يسمح حتى بالبدء من الصفر. بينما تحولت الحقول، التي كانت تشكل مصدر رزق الأهالي، إلى ساحةٍ لرعي الماشية بعد اجتياح البدو، الذين استغلوا فراغ السلطة القانونية وغياب المحاسبة، وفقاً لشهادات الأهالي.
لم يقتصر الدمار على المنازل والمحاصيل، بل امتد إلى أبسط مقومات العيش، حيث أفاد السكان أن أوراق أشجار العنب، التي كان من الممكن بيعها لتأمين قوت اليوم، التهمتها مواشي البدو دون رادع. في المشهد الأكثر قسوة، يقف الأطفال والنساء عاجزين عن مواجهة واقعٍ لم يترك لهم سوى دموعٍ تكرر صدى مأساةٍ بدأت بدماء الشباب، وانتهت باختفاء معالم الحياة نفسها.
يذكر أن المجزرة التي نفذتها فصائل "الشرع" في آذار الماضي، تسببت بتهجير معظم سكان القرية، فيما يبدو أن إحراق المنازل وتدمير البنية الاقتصادية كان جزءاً من استراتيجية لضمان عدم عودتهم، وفقاً لتقارير محلية. اليوم، تتحول المختارية إلى مثالٍ صارخ عن قرى سورية تُمسح من الخريطة بإرادة القوة، وتُدفن تحت ركام الصمت الدولي.