أزمة تعليمية في الساحل السوري.. خوف وهروب من المقاعد الدراسية

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  متابعة

تشهد مناطق الساحل السوري انهياراً شبه كامل في العملية التعليمية، حيث تخلو الفصول الدراسية من طلابها تحت وطأة الخوف من تداعيات الأوضاع الأمنية المتأججة. 


فمنذ أيام، تحوّلت المدارس إلى مبانٍ مهجورة تُغلّق أبوابها أمام آلاف التلاميذ الذين اختاروا البقاء في منازلهم، بينما تكتظ الشوارع بظلال القلق الذي يخيّم على الأهالي، والذين يرفضون المخاطرة بحياة أبنائهم مهما كان الثمن.  


تتكرر المشهدية نفسها في معظم المناطق التي شهدت أحداثاً عنيفة، فالمدارس التي كانت يوماً ما تعج بالحياة باتت اليوم صامتة، تتناثر على جدرانها آثار التخريب وأبوابها المغلقة بإحكام. إحدى المدارس المهنية التي تضم تخصصات متنوعة كالفنون والتجارة وتقنيات الحاسوب، تبدو كأنها تحكي قصة الدمار الذي خلّفته الأحداث الأخيرة، حيث تحتاج إلى إعادة تأهيل كاملة قبل أن تستعيد دورها التعليمي.  


لا تقتصر المعاناة على الطلاب وحدهم، بل تمتد إلى العائلات التي تعيش حالة ترقب دائمة. إحدى الأمهات تصف الوضع بأنه "لعنة تهدد مستقبل الجميع"، مؤكدةً أنها ترفض إرسال ابنها إلى المدرسة حتى لو استأنفت عملها، ولو كلف ذلك خسارته عاماً دراسياً كاملاً. الخوف من المجهول يطغى على أي تفكير في العودة إلى الروتين اليومي، حتى أن الدروس الخصوصية لم تعد خياراً آمناً في ظلّ الأجواء المشحونة.  


الوضع لا يختلف في المناطق الريفية التي تعاني من انهيار أكبر، حيث توقفت عجلة التعليم بالكامل في قرى متفرقة كـ"الزوبار" و"برابشبو" و"المختارية"، والتي تحولت مدارسها إلى شواهد على المأساة الإنسانية. النزوح الجماعي للأهالي بعد تعرّض منازلهم للحرق أو التدمير، زاد من تعقيد المشهد، خاصةً في مناطق كـ"صنوبر جبلة" التي فقدت معلميها في ظروف مأساوية.  


حتى في المناطق التي بدأ فيها هدوء نسبي، تظلّ الذكريات المؤلمة حاجزاً أمام أي محاولة للعودة. فمرور دوريات عسكرية أو سماع دوي انفجار بعيد كفيل بإعادة إحياء مشاعر الذعر، مما دفع عائلات كثيرة إلى تبني قرار واضح: "لا تعليم دون أمان".  


في خضمّ هذا، تبدو الإجراءات الرسمية غير كافية لإعادة الثقة، حيث ينتظر الأهالي خطوات ملموسة لطمأنتهم، بدءاً من تأمين المناطق وصولاً إلى إعادة إعمار المدارس المتضررة. لكن الواقع يشير إلى أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن تعود الأصوات الطفولية إلى ارتدادها بين جدران الفصول، التي تنتظر بصبرٍ عودة الحياة إلى ما كانت عليه.  


في سياق متصل، تستمر التغطيات الإعلامية في تسليط الضوء على تداعيات الأزمة الأمنية في الساحل السوري، بينما تتصاعد الضغوط الدولية لاحتواء الانهيار المتسارع في المنطقة.