الساحل السوري.. أزمات إنسانية وبيئية تتفاقم بفعل الممارسات المسلحة

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  اللاذقية

تشهد مناطق ريف الساحل الغربي السوري تصعيدًا خطيرًا في المعاناة الإنسانية والبيئية، جراء استمرار الممارسات العدائية التي تنفذها فصائل مسلحة، ما أدى إلى تدهور الظروف المعيشية للسكان وتدمير الموارد الطبيعية. فبعد أن فقد العديد من الأهالي مصادر رزقهم بسبب عمليات التسريح من الوظائف، تحولوا إلى الزراعة كملاذ أخير لتأمين قوتهم اليومي، لكن حملات التخريب المتعمدة التي تستهدف المزروعات والحرائق المفتعلة حوّلت الأراضي الخصبة إلى رماد، وفقًا لشهادات محلية.  


في سياق متصل، أتت الحرائق المتعمدة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الساحل وسهل الغاب وقرى حمص، والتي تشمل مزارع الحمضيات والزيتون والرمان والجوز، دون أن تُبذل جهود جدية لإخمادها. وتفاقمت الكارثة مع انعدام إحصاءات دقيقة للخسائر، ما يضع المنطقة أمام تداعيات طويلة الأمد على الغطاء النباتي والتنوع البيولوجي، وسط تحذيرات من انهيار النظام البيئي الذي قد يدفع تجمعات سكانية كاملة إلى النزوح، كما حدث سابقًا في قرى شمال اللاذقية.  


وتُعزى الأزمة البيئية إلى عوامل متشابكة، أبرزها شح المياه رغم وفرة المصادر المائية، بالإضافة إلى منع الفصائل المسلحة المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، ما أدى إلى توسع رقعة الجفاف وتراجع المساحات المزروعة. ويرى مراقبون أن هذه الممارسات تُستخدم كأداة لـ"إفقار" السكان وحرمانهم من مقومات العيش الأساسية.  


وفي مؤشر على حجم الكارثة، كشفت بيانات دولية وصور الأقمار الصناعية عن انحسار المساحات الخضراء في سوريا بنسبة تقارب الثلاثين بالمئة خلال العقد الماضي، مع تركيز التأثير على الساحل السوري، حيث تزامن تدمير الغطاء النباتي مع تغيرات مناخية حادة، تمثلت بارتفاع درجات الحرارة قرابة 1.5 درجة، ما أضعف قدرة الأشجار على التكيف مع الظروف الجديدة.  


لا تقتصر التداعيات على البيئة فحسب، بل تمتد لتشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المجتمعات المحلية، حيث يُخشى من تحول الحرائق المتعمدة والتغييرات المناخية إلى عامل ضغط جديد يزيد من موجات النزوح، في مشهد يعكس تفاقم الأزمة الإنسانية إلى جانب الكارثة البيئية التي قد تحتاج عقودًا لإصلاحها.