نبض سوريا - حلب
بعد أربعة أشهر من التصعيد العسكري التركي على ثاني أكبر مؤسسة حيوية مائية في البلاد،يبدو أن الهدوء سيضرب موعداً مع سد تشرين الاستراتيجي جنوب شرقي مدينة منبج بريف حلب، شمالي سوريا.
واكتسب سد تشرين أهمية استراتيجية في التوازنات السياسية والعسكرية في سوريا خلال الأعوام الماضية، وازدادت أهميته مع إطلاق فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا عملية “فجر الحرية” التي هاجم فيها مناطق تواجد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وذكرت أمل خزيم الرئيسة المشاركة لهيئة الطاقة في شمال شرق سوريا، في تصريحات تابعتها وكالة"نبض سوريا”، أن الإدارة الذاتية اتفقت مع حكومة دمشق على تحييد سد تشرين عن العمليات العسكرية، وأي عمل يهدد السد من كافة الأطراف.
ويضمن الاتفاق تسهيل حركة موظفي السد للوصول إلى مواقع العمل بكافة الأوقات، وإتاحة الفرصة للخبراء من أجل الكشف على البنية المدنية لجسم السد من قبل مختصين بسبب ما تعرض له من أضرار في الأشهر الأخيرة.
وأشارت خزيم إلى أن السد يحتاج إلى الصيانة تستمر لفترة طويلة وتجري صيانته، فيما يديره موظفون تابعون للإدارة الذاتية، وتضمن الأخير بحسب اتفاقها مع دمشق العمل بجدية للحفاظ على المخزون المائي في بحيرات السدود، خاصة بحيرة سد الفرات، كون المخزون المائي الاستراتيجي معرض للاستنزاف حالياً، لعدم توفر مصدر بديل لتوليد الطاقة الكهربائية.
ونوّهت إلى أن التوليد الكهربائي يعمل بأدنى قدراته، إذ أن الأمر يستلزم التواصل بكافة الوسائل مع الجانب التركي لتمرير كميات مناسبة من المياه، بما لا يقل عن 500 متر مكعب بالثانية، وهي الكمية المتفق عليها، وفقاً لاتفاقيات سابقة بين سوريا وتركيا والعراق.
ومنذ الثامن من كانون الأول الماضي، تجري اشتباكات عنيفة بين “قسد” وفصائل موالية لتركيا، في محاولة للسيطرة على السد، لكن الاستماتة الدفاعية من “قسد” حالت دون ذلك وبقيت تسيطر على المنشأة.
في الحادي عشر من كانون الأول، أعلن الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، عبر منصة إكس، التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في منبج، بوساطة أميركية.
وأضاف قائد “قسد” أنه سيتم إخراج مقاتلي مجلس منبج العسكري، وأن الهدف هو وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية والدخول في عملية سياسية من أجل مستقبل البلاد.
لكن بعد يومين من الإعلان، قالت القيادة العامة لقوات مجلس منبج العسكري، في بيان، إنها أفشلت جميع هجمات لفصائل موالية لتركيا على سد تشرين وجسر قره قوزاق.
في ذلك الوقت، تعهد التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة” والجيش الأميركي بحماية ضفة نهر الفرات التي باتت تفصل عسكرياً بين الفصائل الموالية لتركيا، من جهة، وبين قوات “قسد”، من جهة أخرى، ومنع أي خروقات حتى الوصول إلى حل سياسي شامل للبلاد، وفق ما ذكر مسؤول في الإدارة الذاتية لوكالة “فرانس برس”، حينها.
لاحقاً، أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي استعداد قواته لإقامة منطقة منزوعة السلاح في مدينة عين العرب. تبعها إعلان وزير الخارجية الأميركي السابق، أنتوني بلينكن، تمديد وقف إطلاق النار بين “قسد” وتركيا.
وقال في تغريدةٍ له عبر منصة إكس: “تأكيداً على التزامنا الثابت بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في كافة أنحاء سوريا، نعلن عن استعدادنا لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كعين العرب”.
وتابع: “بالإضافة إلى إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف ووجود أميركي، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تهدف لمعالجة المخاوف الأمنية التركية وضمان استقرار المنطقة بشكل دائم”.
لكن تلك الاتفاقات لم تستمر طويلاً، ليشهد محيط السد معارك عنيفة، بالتزامن مع تحذيرات من خروجه عن الخدمة، حيث قالت الإدارة الذاتية إن القوات التركية والفصائل الموالية لها كانت تستهدف جسم السد.