نبض سوريا - متابعة
باتت حركة الشباب الصومالية، الفرع الأبرز لتنظيم القاعدة في الصومال، تخطو خطوات متسارعة نحو تحويل نفسها من جماعة مسلحة إلى كيان سياسي وعسكري قادر على فرض هيمنته على البلاد، في مسار يُذكّر بصعود حركة طالبان الأفغانية وهيئة تحرير الشام في سوريا.
وتشير التطورات الأخيرة إلى تحوّل استراتيجي في أداء الحركة التي بدأت تستهدف منشآت ذات رمزية سيادية ودولية، مثل مطار آدم عدي الدولي في مقديشو، ومعسكر هالاني الذي تستخدمه بعثات أممية ودولية، عبر هجمات مُحكمة تهدف إلى إرسال رسائل مبطنة للمجتمع الدولي بأنها قادرة على إدارة الصومال، وتمتلك القوة العسكرية التي تهدد استقرار الحكومة الفيدرالية.
وخلافًا لأساليبها السابقة، اتسمت الهجمات الأخيرة بتجنب إيقاع خسائر بشرية بين الأجانب، في خطوة يُعتقد أنها تهدف إلى طمأنة القوى الدولية حول نوايا الحركة "المُعدّلة"، وفتح المجال لحوار محتمل قد يُؤدي إلى اعتراف دولي بها كسلطة شرعية، خاصة مع تزايد تراجع ثقة المجتمع الدولي في الحكومة الصومالية التي تُواجه اتهامات بالفساد وانهيار العلاقات مع الأقاليم الصومالية.
ويبدو أن الحركة تعتمد خطة مزدوجة: فمن جهة، تعمل على إضعاف الحكومة عبر استهداف بنيتها العسكرية والأمنية، كما في محاولة اغتيال الرئيس الصومالي والهجوم على القصر الرئاسي، ومن جهة أخرى، تسعى إلى تقديم نفسها كبديل قادر على توفير الخدمات وإدارة الدولة، مستفيدةً من تصاعد السخط الشعبي تجاه النخب الحاكمة.
ويشبه المحللون الاستراتيجية الجديدة لحركة الشباب بتجارب جماعات جهادية سابقة تحولت من "الإرهاب العابر للحدود" إلى التركيز على "الجهاد المحلي"، في إشارة إلى تحوّل محتمل نحو نموذج طالبان، الذي جمع بين الحكم الإسلامي المتشدد وصفقات مع الغرب. وتتلمس الحركة طريقها نحو سلطة قد تقبلها واشنطن وحلفاؤها إذا التزمت بمواءمة مصالحهم، مثل تقويض تنظيم داعش المحلي وقطع الروابط مع الحوثيين.
وفي الوقت الذي تحكم الحركة قبضتها على مناطق استراتيجية قريبة من العاصمة مقديشو، مثل بلقاد (30 كم غرب العاصمة)، وتشن هجمات متكررة على أطرافها، يزداد التخوف من سيناريو انهيار الحكومة المركزية، ما قد يُؤدي إلى سيطرة الحركة على العاصمة خلال فترة قصيرة، في ظل تراجع الدعم الدولي للحكومة وتصاعد الانقسامات الداخلية.
وإذا نجحت الحركة في السيطرة على الصومال، فستُصبح البلاد نموذجًا جديدًا لـ"الجهاد السياسي" الذي يسعى إلى التحول من العنف المسلح إلى ممارسة الحكم، مُكرّسًا سابقة خطيرة في منطقة القرن الأفريقي، ومُذكّرًا بمشاهد سقوط كابول ودمشق في أيدي الجماعات المتطرفة.