نبض سوريا -بغداد
أثارت دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المقبلة في بغداد جدلاً سياسياً واسعاً بالعراق، حيث وجّهت قوى شيعية بارزة، معروفة بولائها لإيران، انتقادات حادة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، متهمة إياه بـ"التساهل مع الإرهاب" عبر تقاربه مع دمشق، التي يرى منتقدوها أن نظامها الحالي يقف على النقيض من المصالح الإيرانية في المنطقة.
وقال حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في بيان أصدره الأحد، إن "دماء العراقيين ليست رخيصة حتى يُدعى إلى بغداد من استباحها"، في إشارة إلى الشرع الذي تتهمه بعض الأطراف بصلات سابقة بتنظيم القاعدة. وأوضح البيان أن "العراق يتطلع إلى قمة عربية تُعلي مصالح الشعوب، خاصة في نصرة القضية الفلسطينية"، معتبراً أن دعوة الشرع تتعارض مع "الالتزامات القانونية والدولية".
من جهته، حذّرت ميليشيا عصائب أهل الحق، بقيادة قيس الخزعلي، من أن قدوم الشرع إلى بغداد قد يؤدي إلى "اعتقاله" بسبب وجود "مذكرة قبض نافذة بحقه"، وفقاً لتصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية. وبيّن الخزعلي، الذي يُوصف بصلاته الوثيقة بإيران، أن "فصل السلطات يفرض احترام قرارات القضاء"، في إشارة إلى المطالبة بتطبيق أوامر الاعتقال الصادرة ضد الرئيس السوري.
وفي سياق متصل، هاجم تحالف الفتح، الذراع السياسية لفصائل الحشد الشعبي، دعوة الشرع، حيث أكدت النائبة انتصار الجزائري، في تصريحات لوسائل إعلام موالية للحشد، أن "الترحيب بقيادات إرهابية مطلوبة دولياً يمثل دعمًا للإرهاب"، مُشيرةً إلى ما وصفته بـ"محاولات تبييض صفحة الإرهاب".
**انتخابات نوفمبر.. خلفية الجدل**
يأتي هذا الجدل في خضم الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر المقبل، والتي يسعى خلالها السوداني إلى ترسيخ موقفه عبر تحقيق إنجازات دولية، بينما تستغل القوى المعارضة ملف العلاقة مع سوريا كـ"ورقة انتخابية" لهزيمته. وأوضح محللون أن الهجوم على السوداني يرتبط بتحوّله نحو تحقيق توازن في السياسة الخارجية، عبر تقليص الاعتماد على إيران والانفتاح على دول مثل تركيا والخليج، وهو ما يُقلق القوى الموالية لطهران.
من جانبه، دافع السوداني عن سياسته، مؤكداً في تصريحات سابقة أن "تحسين العلاقات مع الجوار يخدم استقرار العراق"، مشدداً على "التزامه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". وأشار مؤيدوه إلى أن خطوته تلقى تأييداً شعبياً، خاصة بين من يعتبرون النفوذ الإيراني "عائقاً أمام التنمية".
**تحالفات متناقضة ومصالح متشابكة**
وبينما تستند المعارضة إلى اتهامات أمنية وقضائية ضد الشرع، أبرزت قوى سياسية سنية تحفظاتها أيضاً، لكن لأسباب مختلفة، حيث اعتبر القيادي في تحالف السيادة مجيد الدليمي أن "استئناف العلاقات مع دمشق لا يعني غض الطرف عن الملفات الأمنية"، مُطالباً بـ"تحريك الدعاوى القضائية ضد الشرع".
في المقابل، دافع تحالف واسع عن سياسة الانفتاح، مؤكداً أنها "تخدم المصالح العراقية". وقالت الناشطة نوال الموسوي لموقع "كردستان24": "سوريا تمثل العمق الاستراتيجي للعراق"، بينما وصف الأكاديمي وائل الحازم الهجوم على السوداني بأنه "محاولة تسقيط انتخابية مبكرة".
تُركّز المعركة السياسية، وفق مراقبين، على مدى قدرة السوداني على تحويل تحركاته الخارجية إلى رصيد انتخابي، في مواجهة خصوم يستغلون تاريخ الشرع المثير للجدل، وعلاقات إيران وتركيا المتشابكة، لإسقاطه قبل نوفمبر.