المرأة السورية: آمال ترتسم في الأفق… ولكن

  • A+
  • A-

 نبض سوريا -  دمشق

 عندما تُعلن شخصية سياسية أن "النساء سيلعبن دوراً رئيسياً في سوريا الجديدة"، قد يبدو الأمر وكأنه نقطة تحول في المشهد السياسي والاجتماعي، لكن في السياق السوري، السؤال الأهم ليس ما قيل، بل كيف سيتم تحقيق ذلك؟ وهل نحن أمام تغيير حقيقي، أم أن هذا مجرد فصل آخر في تاريخ طويل من الوعود التي نادراً ما تترجم إلى واقع ملموس؟


*من الماضي إلى الحاضر*

لطالما كانت المرأة السورية حاضرة في مفاصل التحولات الكبرى للبلاد، سواء خلال الاستعمار الفرنسي، حيث شاركت في المظاهرات والاستقلال، أو خلال الستينيات والسبعينيات عندما حصلت النساء على مزيد من الحقوق القانونية تحت حكم البعث، ولكن بشكل مقيد ومؤطر ضمن الرؤية السياسية للنظام.


وفي الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011، كان للمرأة حضور استثنائي، سواء كمقاتلة، أو ناشطة حقوقية، أو كضحية للصراع والعنف القائم. ومع استمرار الحرب، تحولت النساء إلى المعيلات الرئيسيات في ظل غياب الرجال بين من قتلوا أو هاجروا، مما أدى إلى إعادة تشكيل دور المرأة داخل الأسرة والمجتمع، رغم أن القوانين لم تواكب هذا التحول السوسيولوجي العميق.


*هل نشهد إعادة تدوير أم تغيير جذري؟*

التصريحات الرسمية، مثل تلك التي أدلت بها عائشة الدبس، تعكس رؤية مفادها أن الحكومة السورية المؤقتة تدرك أهمية المرأة في إعادة الإعمار، ولكن السؤال هنا: هل سيتم منح النساء فعلاً سلطة حقيقية في عمليات صنع القرار، أم أن هذه التصريحات مجرد محاولة أخرى لتجميل المشهد السياسي أمام المجتمع الدولي؟


في التاريخ الحديث، رأينا نماذج مشابهة في دول أخرى شهدت حروباً أهلية، مثل لبنان بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، حيث تم الترويج لدور المرأة في إعادة الإعمار، ولكن على أرض الواقع، بقيت السلطة في يد النخب السياسية التقليدية، واقتصرت مشاركة النساء على القطاعات الخدمية دون تأثير فعلي في صنع القرار.


*السيناريو المحتمل لسوريا الجديدة؟*

إذا تم دعم النساء بشكل حقيقي في سوريا، فقد نرى تحولاً جذرياً في البنية السياسية والاجتماعية، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، حيث تشكل النساء العمود الفقري لهذه القطاعات. ولكن إذا بقيت هذه الوعود مجرد شعارات، فسنشهد دورة جديدة من التهميش، حيث يتم استدعاء النساء فقط عند الحاجة إلى استقرار اجتماعي مؤقت، دون منحهن دوراً دائماً في صناعة مستقبل البلاد.


*لكن، هل هذا ممكن في ظل صعود زعيم متشدد؟*

وهنا، يبرز السؤال الأكثر إثارة للجدل: هل يمكن للمرأة السورية أن تحصل على هذا الدور في ظل احتمال صعود زعيم متشدد إلى السلطة؟ إذا نظرنا إلى الأنماط السياسية في المنطقة، نجد أن الحروب غالباً ما تفرز قادة يتمتعون بنزعات استبدادية، يبررون سلطتهم بالحديث عن "إعادة الاستقرار" و"تطهير المجتمع"، وغالباً ما تكون المرأة أولى ضحايا هذا النهج.


في تاريخ سوريا، شهدنا كيف تم استخدام قضايا المرأة كأداة سياسية، سواء من قبل أنظمة تدّعي التحديث، أو جماعات متطرفة تفرض قيوداً صارمة على الحريات. فهل سيتم السماح للمرأة بأن تكون جزءاً من مستقبل سوريا، أم أننا على أعتاب مرحلة جديدة من الإقصاء، حيث يصبح الحديث عن حقوق المرأة مجرد ورقة تفاوض بين القوى المتصارعة؟


في النهاية، يبقى السؤال معلقاً: هل سيكون لسوريا الجديدة ملامح تقدمية تتيح للمرأة الوصول إلى مواقع القرار، أم أننا سنشهد انقلاباً في المشهد السياسي يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟