نبض سوريا - متابعة
أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد عيسى، أن التسعير الطائفي الذي يخيم على حياة السوريين سببه خطاب اللون الواحد وغياب سياسة وطنية جامعة، وهذا يخدم أجندات إقليمية.
وأوضح عيسى في تصريحات صحفية تابعتها وكالة "نبض سوريا" "لا شك أن جواً من التسعير الطائفي بين مكونات الشعب السوري يخيم على حياة السوريين منذ اللحظة الأولى لسقوط الأسد قبل نحو خمسة أشهر، وتولّي حكومة الشرع الإسلامية للسلطة في دمشق بديلاً عنه."
وأشار عيسى إلى أن: "التسعير قد بلغ مستويات غير مسبوقة، وكان من نتائجه أن قامت بعض الفصائل الجهادية الإسلاموية تحت مسميات الحمزات والعمشات وحراس الدين والسلطان مراد وغيرها، والتي تعتمد الإرهاب ضد من يخالف معتقداتها، مدفوعةً لتنفيذ أجندات خارجية ومحسوبة على السلطات التركية وتتلقى الدعم منها. وقد اندفعت هذه الفصائل إلى ارتكاب مجازر كبيرة بحق أبناء الساحل السوري من العلويين، وقد تطورت حركة التجييش والحقن الطائفي واتسعت لتشمل جميع المكونات الدينية."
وحول أسباب ذلك، أوضح عيسى أن السبب الأول هو "خطاب اللون الإسلاموي التكفيري الذي اعتمدته حكومة الشرع منذ انطلاقتها، والذي تجلى بحكومة اللون الواحد الطائفية، والتي تفتقر إلى أي رؤية وطنية للدولة السورية وللشعب السوري".
أما السبب الثاني فهو بحسب عيسى فهو "وجود أجندات ومشاريع إقليمية تركية وقطرية من مصلحتها إجراء إبادات عرقية ودينية، أو إجراء تطهير عرقي وتغيير ديمغرافي بما ينسجم مع مصالحها التوسعية ومشاريعها الإمبراطورية".
ونوه محمد عيسى إلى "أن التوظيف الطائفي والعبث باستقرار النسيج الوطني والاجتماعي السوري كان على الدوام ومنذ مهد العهود العثمانية سلوكاً معروفاً ومشهوداً لدولة الخلافة العثمانية، التي دخلت إلى نسيج المنطقة من بوابة الغيرة على الإسلام وصون مكانة الخلافة الإسلامية وتجديدها وخلق مصطلح الأكثرية والأقلية وتأليب الأكثرية المذهبية السنية على باقي المذاهب، واليوم تعاود المدرسة الأردوغانية إلى العزف نفسه، وإلى التوظيف في مشروع إحياء الإسلام وتحرير القدس".
وحول تداعيات وتأثيرات ذلك، أكد عيسى بأنه "لا ريب أنه من عواقب غياب السياسة الوطنية الجامعة ومن نتائج استئثار جماعة أو حركة دينية أو حزبية بقرار الدولة وفرض دستور على مزاجها ودون مراعاة لمصالح وثقافة ورؤية المكونات الأخرى سيشكل وكما هي عبر التاريخ صدعاً في بنية الدولة، وسيعرض الاستقرار الوطني إلى أدهى الأخطار وسيكون من المحتم توليد الحروب الأهلية حيث العنف والتسلط والإرهاب، ولابد أن تولد في النهاية ردة فعل من مثله، فالعنف والتطرف وسيادة الأسلمة في الحالة السورية مآله العبث بوحدة الدولة السورية وإنتاج التقسيم".
وأكد محمد عيسى أن: "لا مخرج أمام السوريين سوى مؤتمر وطني جامع لا يقصي أحداً من مكونات الشعوب السورية، يتم فيه التوافق على دستور لدولة سورية جديدة قوامها المدنية العلمانية الديمقراطية واللامركزية، دولة مواطنة في جميع مناحي الحياة.