بين منبر الأموي ودستور المواطن..
مفكر قانوني: الدولة السورية لاتُبنى بالطاعة وإنما بالمواطنة

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - متابعة  

 حظي الخطاب الذي ألقاه أحمد الشرع من منبر المسجد الأموي بتحليل نقدي من قبل المحامي والمفكر القانوني ميشال شماس، والذي رأى أن أهمية الخطاب لا تكمن في مضامينه السياسية فحسب، بل في "استعارته المتكررة لخطاب الطاعة الدينية بوصفه أساساً للشرعية".


واستشهد شماس، في تحليله، بالعبارات التي وردت في الخطاب، ومنها: "أطيعوني ما أطعت الله فيكم… لن يقف في وجهنا أحد"، معتبراً أن هذا النمط الخطابي "ليس امتداداً لمشروع دولة حديثة، بل يعكس ذهنية تعلي من شأن الحاكم كمرجع يتعالى فوق المساءلة، وتستمد شرعيتها من تفويض غيبي وليس من عقد اجتماعي حر".


وأكد المحامي ميشال شماس، في معرض رده، على المبادئ الأساسية لبناء الدولة، قائلاً: "الدولة لا تُبنى بالطاعة، بل بالمواطنة الفاعلة، وقوتها لا تُقاس بقدرة الحاكم على تجاوز العقبات، بل بقدرتها على إقامة مؤسسات راسخة تحاسب الحاكم نفسه قبل غيره".


وشدد على أن سوريا المنشودة هي "سوريا قوية وعادلة، تصون حقوق المستضعفين وتبني للمستقبل"، موضحاً أن تحقيق هذه العدالة "لا يأتي عبر منابر الوعظ وخطابات الطاعة، بل عبر دستور حي يُحترم، وقضاء مستقل لا يخشى سوى القانون، وتداول سلمي للسلطة، وصحافة حرة، وبرلمان يراقب ويسائل بفاعلية".


وحذّر شماس من مخاطر "استخدام المنبر الديني لإعلان نهج سياسي"، واصفاً إياه بأنه "ليس امتداداً لنهضة، بل عودة إلى نموذج استبدادي مغطى بثوب ديني".

 

وردّد بقوة: "لم نضحِ ونتخلص من 

نظام دموي كي نعود إلى مفهوم 'أطيعوا الحاكم'، بل كي نؤسّس لدولة مواطنين لا رعايا، ودولة قانون لا وصاية".


وختم تحليله بتحديد ملامح الحاجة الراهنة لسوريا، قائلاً، إن "سوريا اليوم لا تحتاج إلى زعيم يطلب الطاعة، بل إلى رئيس يخضع للدستور والقانون قبل الناس، ولا تحتاج إلى خطاب يتعهد 'ألا يقف في وجهه أحد'، بل إلى سلطة تفخر بأن يقف في وجهها الشعب عبر مؤسسات القضاء والصحافة النزيهة؛ فهذا وحده معيار الحكم العادل".


ودعا شماس في ختام حديثه إلى "إكمال الحكاية الوطنية بوعي مدني، لا بطاعة عمياء، وببناء دولة تقوم على المحاسبة والمسؤولية، لا على البيعة والولاءات غير المشروطة".