نبض سوريا -متابعة
كشف الكاتب السياسي السوري، مروان فرزات، عن تحول جوهري في استراتيجيات تنظيم "داعش" الإرهابي بعد انكساره عسكرياً، مشيراً إلى أنه لم يعد يركز على السيطرة على الأرض أو إنشاء معسكرات ظاهرة، بل تحول إلى تعزيز قدرات عناصره والتخفي داخل المناطق السورية.
جاء ذلك في تحليل نشره على صفحته بموقع "فيسبوك"، علق فيه على العملية الأمريكية الأخيرة "عين الصقر"، واصفاً إياها بأنها "مجرد تدريب عسكري بالذخيرة الحية"، معتبراً أن واشنطن تفتقر لبنك أهداف دقيق حول مواقع التنظيم الحالية.
وأوضح فرزات أن التنظيم، بعد عمليات التحرير، نقل عددا كبيرا من قياداته وعناصره إلى الداخل السوري، متخذاً من المنازل الآمنة في مناطق سيطرة الحكومة مقرات جديدة، وخاصة في محافظات إدلب وحلب وريفيهما، وريف حماه، ومنطقة القلمون الشرقي والغربي، والريف الشرقي لدمشق، وريف درعا.
وأكد الكاتب أن "داعش" ركز خلال الفترة الماضية على تعزيز قدراته العسكرية عبر التسليح والتدريب وانتشار جغرافي مدروس، وضم شباب جدد، وإنشاء خلايا أمنية صغيرة. وكشف النقاب عن أن هذه الخلايا تستغل غطاءً يتمثل في "الانخراط في مؤسسات الجيش والأمن" السوريين، مما يمكنها من التخفي والحماية والتنقل بسهولة.
من ناحية أخرى، أشار فرزات إلى وجود رفض قطبي من جانب دوائر حاكمة ومناصريها في سوريا للانضمام للتحالف الدولي ضد الإرهاب لأسباب دينية وسياسية وأمنية. ورأى أن هذا الرفض، رغم إيجابيته الظاهرية للتنظيم، فإنه أربك قياداته لوجستياً بسبب عدم قدرته على استيعاب هذا العدد الكبير في ظل سياسية التخفي المتبعة.
ولفت الكاتب إلى أن التنظيم انتقل نتيجة لذلك إلى مرحلة جديدة تتركز على "تعزيز اختراقه للجيش والأمن السوري"، حيث يطلب من عناصره البقاء داخل المؤسسات الحكومية وتزويده بالمعلومات وانتظار الأوامر.
وفي معرض رده على حادثة تدمر الأمنية، نفى فرزات علاقة "داعش" التنظيمية بها، معتبراً أن المنفذين ينتمون لما يُعرف بـ "الذئاب المنفردة" المرتبطة فكرياً وعقائدياً بالتنظيم، والناقمة على الحكومة لقرار انضمامها للتحالف الدولي، مشيراً إلى أن خطر هذا النوع من العناصر على سوريا يفوق خطر المنتسبين رسمياً للتنظيم.
وحذر الكاتب السوري من أن انضمام سوريا للتحالف الدولي قد يزيد من قوة "داعش" على المدى القريب عبر استقطاب الشباب الرافض للقرار، لكنه أشار في المقابل إلى فائدة محتملة على المدى المتوسط والبعيد، حيث سيساهم في "كشف جميع العناصر التي تتواجد داخل المؤسسة العسكرية والأمنية وتحمل أفكار داعش المتطرفة".
وشدد فرزات على أن زمن الحسم العسكري التقليدي ضد التنظيم على طريقة التحالف الدولي قد ولى، داعياً الحكومة السورية إلى "ابتكار طرق وحلول جديدة تعتمد بشكل رئيسي على المحاربة الفكرية والأمنية". ووصف "تنظيف المؤسسة العسكرية والأمنية من العناصر التي تحمل أي فكر متطرف" بأنه "ضرورة مُلحّة"، داعياً لمراقبة الشخصيات المدنية والمشايخ التي تروج لهذا الفكر وتعد بمثابة "جهاز إعلامي متنقل" للتنظيم.
وفي تحذير أخير، توقع الكاتب أنه في حال تكررت الحوادث الأمنية على غرار حادثة تدمر، فقد "تضطر الإدارة الأمريكية للاعتماد على شركاء آخرين" لتنفيذ عملياتها ضد "داعش"، كون واشنطن تدرك جيداً أن مصدر التهديد الحقيقي هو "الفكر المتطرف المنتشر داخل الجيش والأمن السوري" وليس الهيكل التنظيمي الظاهر للإرهاب.