محلل سياسي: التناقض الأمريكي في سوريا يكشف سياسة "الاحتواء المشروط" ويدق ناقوس الخطر لسلطة الشرع

  • A+
  • A-

 نبض سوريا - متابعة 

كشف المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية الدكتور بسام أبوعبدالله عن تناقضات جذرية في الموقف الأمريكي من الملف السوري، مشيراً إلى أن سياسة واشنطن تتبع نموذج "الاحتواء المشروط" حيال سلطة أحمد الشرع، وليس الاعتراف أو الشراكة الحقيقية.


وأوضح أبوعبدالله في مقال تحليلي، أن "التناقض البنيوي في السياسة الأمريكية يتجلى بين الخطاب العلني الإيجابي للرئيس دونالد ترامب تجاه الشرع، والإجراءات المؤسساتية المعاكسة تماماً، مثل بيان أعضاء الكونغرس المشدد وحظر السفر الشامل الذي استهدفه السوريون بقرار رئاسي".


وحذّر المحلل من أن "رفع العقوبات في إطار قانون "قيصر" ليس نهاية المطاف، بل هو أداة ضغط ومحفوف بشروط رقابية صارمة، حيث يصر البيان الصادر عن 134 عضواً في الكونغرس على ضمانات حماية الأقليات، ويدعو لزيارة السويداء، ويتوعد بعقد جلسة استماع تقييمية مطلع 2026 مع احتمال عودة العقوبات فوراً".


ولفت أبوعبدالله إلى أن "حظر دخول السوريين إلى الولايات المتحدة بموجب قرار رئاسي يشكل رسالة سياسية قوية مفادها أن واشنطن لا تثق لا بالسلطة الجديدة ولا بمجتمعها، وهو إجراء قد يحذو حذوه شركاء غربيون آخرون، مما يعقد ملفات اللجوء والتأشيرات للأجيال القادمة".


وشدد على أن "الخطأ القاتل الذي يرتكبه أنصار سلطة الشرع هو الخلط بين خطابات ترامب الانتهازية والموقف المؤسساتي الأمريكي الثابت، والذي لم يتغير حتى بعد حادثة مقتل الجنود الأمريكيين في تدمر، بل ازداد تشدداً عبر آليات الرقابة الخفية".


واعتبر أن "التجربة الأمريكية في أفغانستان تقدم نموذجاً واضحاً لمصير الحلفاء المحليين الذين يراهنون على الوعود الخطابية لواشنطن، حيث يتم التخلي عنهم دون تردد عندما تتعارض مصلحتهم مع الحسابات الأمريكية".


كما أبرز أن "ملف حماية الأقليات تحول إلى مجرد أداة قياس سياسية في يد واشنطن، تستخدمها لتحديد توقيت استمرار السلطة أو فرض العقوبات أو البحث عن بدائل، في إطار إدارة خارجية دون منح شرعية حقيقية".


وأكد المحلل أن "واشنطن تتعامل مع سلطة الشرع ككيان وظيفي مؤقت لإدارة الأزمة بأقل تكلفة، وليس كشريك استراتيجي، محذراً من أن محاولات الظهور بمظهر البراغماتي ستزيد من حدة التناقض مع القاعدة الأيديولوجية الصلبة للسلطة في الداخل".


وفي إشارة إلى التصعيد الغربي، أشار أبوعبدالله إلى أن "العقوبات البريطانية الأخيرة التي استهدفت تشكيلات عسكرية تابعة لوزارة دفاع الشرع، مثل فرقة "الحمزات" و"لواء السلطان مراد"، تؤكد أن النموذج العسكري القائم يعتبر خطراً مؤجلاً ولا يقبل به كجيش وطني".


وكشف نقلا عن مصادر مطلعة أن "المطالبة الأمريكية بإبعاد نحو 27 ألف عنصر من الميليشيات التابعة يشير إلى توجه نحو إعادة هندسة المشهد العسكري السوري من خارج السلطة الحالية، ربما عبر مجلس عسكري انتقالي".


وختم الدكتور بسام أبوعبدالله بالقول إن "الرسالة الواضحة من تطورات الكونغرس وحظر السفر والعقوبات البريطانية هي أن الخارج لا يبني دولاً بل يدير أزمات، وأن القوة الحقيقية لا تستمد من رضا واشنطن بل من الشرعية الداخلية والتماسك الاجتماعي وإدارة التنوع دون قهر"، مقتبساً مقولة المفكر الواقعي هانس مورغنثاو: "السياسة الدولية لا تُدار بالنوايا الحسنة، بل بتوازنات القوة والشرعية".